.................................................................................................
______________________________________________________
أقول : لا ريب في أنّ الأجير المزبور لو سافر ليس له أن يصوم ، للنهي عنه في السفر كما مرّ ، إلّا أنّ الكلام في جواز السفر وعدمه ، وأنّ وجوب الوفاء هنا هل هو مشروط أيضاً ، أو أنّه مطلق؟
الظاهر هو الثاني ، بل لا ينبغي التأمّل فيه.
وتوضيحه : أنّك قد عرفت في وجوه تصوير النذر في المقام أنّه يمكن إنشاؤه معلّقاً على الحضور ، ومعه لا خلاف كما لا إشكال في جواز السفر ، لقصور المقتضي من الأوّل وعدم وجوب تحصيل شرط الوجوب.
ولكن هذا لا يجري في باب الإجارة ، لقيام الإجماع على بطلان التعليق في العقود إلّا فيما قام الدليل عليه كما في الوصيّة والتدبير.
نعم ، لو جرى التعليق فيها كان التمليك من الأوّل معلّقاً على الحضر كما في النذر ، لعدم استحالة التعليق في المنشئات ، غير أنّه باطل في غير ما ثبت بالدليل كما عرفت ، فلا بدّ إذن من فرض الكلام في الإجارة المطلقة غير المعلّقة على الحضور ، وإلّا لكانت الإجارة باطلة في نفسها سواء أسافر أم لا.
ومن البيّن أنّ الإجارة المزبورة غير مشمولة للنصوص المتقدّمة لتدلّ على انسحاب الاشتراط إليها ، كيف؟! وقد ملك المستأجر العمل في ذمّة الأجير بمجرّد العقد من غير إناطة على الحضر حسب الفرض ، ومعه كيف يرخّص الشارع في تضييع هذا الحقّ وعدم تسليم المال إلى مالكه؟! وبعبارة اخرى : النصوص المذكورة ناظرة إلى ما تضمّن الحكم التكليفي المحض وأنّ ما كان حقّا لله سبحانه إمّا ابتداءً أو بعد الجعل والالتزام كما في النذر فهو مشروط بالحضور وساقط عند السفر ، وأمّا ما تضمّن الوضع أيضاً وكان مشتملاً على حقّ الناس فتلك الأدلّة قاصرة وغير ناهضة لإسقاط هذا