.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك الصحيحة الأُولى الدالّة على أنّ الموضوع هو الطبيعي ، ونتيجة ذلك الاقتصار بعد التعارض على المقدار المتيقّن المتّفق عليه الطرفان وهو صوم التطوّع ، فيرجع فيما عداه من سائر أقسام الصيام إلى إطلاق أدلّتها السليمة عمّا يدلّ على كراهتها ، فالأظهر اختصاص الحكم بصوم التطوّع كما نبّهنا عليه في التعليقة ، فتدبّر جيّداً.
والمتحصّل من جميع ما قدّمناه : أنّ الأصحّ كراهة صوم التطوّع من الضيف بدون إذن المضيف والولد بدون إذن الوالد ، وكذا الزوجة والعبد بدون إذن الزوج والسيّد ، من غير فرق بين النهي وعدمه ، كلّ ذلك للإطلاق في صحيحة هشام المتقدّمة (١) ، المحمولة على ذلك بعد امتناع الأخذ بظاهرها من تحقّق العقوق والفسوق والعصيان لدى عدم الإذن ، كما صرّح بذلك الصدوق في العلل حيث قال (قدس سره) بعد نقل الرواية ما مضمونه : إنّ ظاهرها مقطوع البطلان (٢) ، وهو كذلك ، إذ لم يقل أحد بوجوب الاستئذان في جميع المباحات فضلاً عن المستحبّات كالتطوّع أو التنفّل عن الوالد أو السيّد أو الزوج ، بحيث لو صلّى الولد صلاة الليل مثلاً بغير إذن والده كان عاقّاً فاسقاً ، بل قد ذكرنا في محلّه جواز ذلك حتّى مع نهيه فضلاً عن اشتراط الإذن ، إلّا أن يستوجب ذلك إيذاء الوالد أو الوالدة ، ومعه يحرم حتّى بدون النهي ، فالاعتبار فيهما بالإيذاء ، كما أنّ المدار في العبد والزوجة بالتنافي مع حقّ السيِّد أو الزوج. فحمل الصحيحة على صورة النهي الذي هو مستند تفصيل المحقّق في الشرائع ساقط جدّاً حسبما عرفت.
__________________
(١) في ص ٣٢٢.
(٢) علل الشرائع : ٣٨٥ / ٤.