.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا من حيث الدلالة : فالمتحصّل من سياقها المبالغة في تحقّق ما اشتملت عليه من الأوصاف ، فلسانها يفرغ عن الكراهة ، وإلّا فالجمود على ظاهرها غير قابل للتصديق ، للقطع بعدم عصيان المرأة ولا فسق العبد ولا عقوق الولد بمجرّد عدم الإذن ، ولم يقل بذلك أحد فيما نعلم. ومن هنا حملها المحقّق على صورة النهي ليتحقّق العصيان والفسوق والعقوق. فيراد من جهل الضيف مع نهي المضيف : عدم تفقّهه بما يجب عليه شرعاً من رعاية حقّه حينئذ ، ولأجله ذهب إلى التفصيل بين النهي وعدم الإذن كما عرفت.
ولكنّه كما ترى ، إذ لا يتعيّن الحمل على صورة النهي ، ومن الجائز أن يراد من عصيان المرأة وفسق العبد ما إذا كان الصوم منافياً لحقّ الزوج أو السيّد ، فإنّه يحرم حينئذٍ حتّى مع عدم النهي. ويراد أيضاً من العقوق ما إذا تأذّى الوالد من صوم الولد ، لحرمته حينئذٍ وإن لم ينه عنه.
فالتفصيل المزبور ساقط ، بل المنسبق من الصحيحة كما عرفت هي المبالغة المساوقة للكراهة.
فالصوم مع عدم الإذن مكروه ما لم يستلزم التحريم بعنوان آخر من تضييع الحقّ أو التأذّي حسبما عرفت.
ثم إنّ مورد الكراهة هو صوم التطوّع كما قيّدت به هذه الصحيحة فبناء على ما ذكرناه في الأُصول وإن كان على خلاف المشهور من دلالة الوصف على المفهوم لا بالمعنى المصطلح ، بل بمعنى الدلالة على عدم كون موضوع الحكم هو الطبيعي الجامع ، وإلّا كان التقييد من اللغو الظاهر (١) ، فيكشف التقييد في هذه الصحيحة عن عدم تعلّق الحكم بالطبيعي على سريانه ، غير أنّه يعارضها في
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ١٣٣ ١٣٤.