.................................................................................................
______________________________________________________
غير الطاقة ، ومعناها : المكنة مع المشقّة ، أي إعمال الجهد وكمال القدرة والقوّة وغاية مرتبة التمكّن ، بحيث تتعقّب بالعجز ، وهو المعبّر عنه بالحرج والمشقّة ، على ما فسّرها به في لسان العرب (١) وغيره.
وعليه ، فالآية الشريفة غير منسوخة بوجه ، بل تشير إلى الأقسام الثلاثة حسبما عرفت ، وأنّ في كلّ قسم حكم تعييني يخصّه ، وأنّ في القسم الثالث وهو من يتمكّن من الصيام مع الحرج الشديد والمشقّة العظيمة المتضمّنة لإعمال غاية الجهد والطاقة لا أمر بالصوم أصلاً ، بل يتعيّن الفداء.
ولأجل ذلك ذكر في الجواهر (٢) ناسباً له إلى أصحابنا وعلمائنا تعيّن الفدية في القسم الأخير ، وأنّه لو صام لم يصحّ ، لعدم الأمر حسبما اقتضاه ظاهر الكتاب كما عرفت والروايات على ما سيجيء.
ولكن صاحب الحدائق (قدس سره) ذهب إلى صحّة الصوم أيضاً وعدم تعيّن الفداء ، وأنّ الحكم ترخيصي لا إلزامي ، بل ذكر (قدس سره) أنّ الصوم أفضل ، مستشهداً له بقوله سبحانه (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) فجعله متمّماً لقوله تعالى (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) إلخ ، ومرتبطاً به. ونقل عن مجمع البيان قوله (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) يعني : من الإفطار والفدية (٣).
ولا يبعد استظهار ذلك من عبارة الماتن (قدس سره) أيضاً ، حيث عبّر بعد قوله : وردت الرخصة ... إلخ ، بقوله : بل قد يجب ، فكأنّ الإفطار لم يكن واجباً مطلقاً وإنّما هو حكم ترخيصي ربّما يصير واجباً كما لو استلزم الصوم ضرراً محرّماً ، ويشهد له ذيل عبارته أيضاً ، حيث قال : فيجوز لهما الإفطار.
__________________
(١) لاحظ لسان العرب ١٠ : ٢٣٢ ٢٣٣.
(٢) الجواهر : ١٧ : ١٤٤.
(٣) الحدائق ١٣ : ٤٢١.