.................................................................................................
______________________________________________________
وبالجملة : فلم يعهد من أحد منهم الالتزام بالقضاء فيما عدا الصوم والاعتكاف المنذورين. على أنّ لفظ الفريضة المذكور في المرسلة منصرف إلى ما ثبت وجوبه في أصل الشرع وبحسب الجعل الأولي ، ولا يكاد يشمل ما التزم به الناذر على نفسه ، فالرواية على تقدير صحّتها منصرفة عن المقام قطعاً.
والثالثة : صحيحة زرارة ، قال : قلت له : رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها في الحضر «قال : يقضي ما فاته كما فاته ، إن كانت صلاة السفر أدّاها في الحضر مثلها» إلخ (١).
وهي كما ترى واضحة الدلالة بقرينة الصدر والذيل ، على أنّ المراد بالمماثلة في قوله (عليه السلام) : «يقضي ما فاته كما فاته» التماثل من حيث القصر والتمام وأنّ العبرة في قضائهما برعاية حال الفوت لا حال الأداء ، فلا دلالة فيها على وجوب قضاء نفس الصلاة من غير هذه الناحية فضلاً عن الدلالة على وجوب قضاء مطلق الفريضة الفائتة ليستدلّ بها على المقام ، فالروايات قاصرة إمّا سنداً أو دلالةً.
وربّما يستدلّ بوجهين آخرين :
أحدهما : الاستفادة ممّا دلّ على وجوب قضاء الصوم المنذور المعيّن لدى فوته لعذرٍ أو لغيره ، كصحيحة ابن مهزيار الواردة في النذر كما تكرّرت الإشارة إليه ، فإنّها ترشدنا إلى ثبوته في الاعتكاف أيضاً ، لمكان اشتماله على الصوم.
وفيه ما لا يخفى من وضوح الفرق المانع من صحّة القياس ، فإنّ الصوم بنفسه متعلّق للنذر في الأول ، وأمّا في الثاني فهو شرط في صحّة شيء آخر تعلّق به النذر وهو الاعتكاف ، فوجوبه في الأوّل للنذر ، وفي الثاني للشرط ،
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢٦٨ / أبواب قضاء الصلوات ب ٦ ح ١.