[أن لا يكون الكلام ظاهر الدّلالة على المراد لخلل] واقع [إمّا في النّظم (١) بسبب
______________________________________________________
وقيل في الفرق : إنّ المصنّف عرّف التّعقيد دون نظائره ، لأنّ له سببين :
الأوّل : هو الخلل في النّظم.
والثّاني : هو الخلل في الانتقال.
فلو اقتصر المصنّف في التّعقيد على مجرّد التّمثيل لم يعلم المراد ، هذا بخلاف الضّعف والتّنافر حيث يكون كلّ منهما سبب واحد وهو خلاف القانون النّحوي في الأوّل ، والثّقل على اللّسان في الثّاني.
الأمر الثّاني : بيان ما هو الوجه لتفسير الشّارح «التّعقيد» بقوله : «أي كون الكلام معقّدا» فنقول : إنّ الشّارح قد أشار بهذا التّفسير إلى أنّ المصدر أعني «التّعقيد» ليس بمعناه المصدري ، ولا بمعنى اسم فاعل ، بأن يكون من المبنيّ للفاعل لأنّه على كلا التّقديرين من صفات المتكلّم ، فإنّ التّعقيد بمعنى إيجاد العقدة من صفات المتكلّم كما أنّ «التّعقيد» بمعنى معقّد من صفات المتكلّم ، فلا يصحّ حمل «أن لا يكون الكلام ظاهر الدّلالة على المراد» على التّعقيد بهذا المعنى ، لأنّ عدم ظهور الدّلالة على المعنى المراد ، إنّما هو من صفات الكلام دون المتكلّم ، فلا بدّ من تفسير التّعقيد بكون الكلام معقّدا كي يكون من صفات الكلام فيصحّ حمل قوله : «أن لا يكون الكلام ...» عليه ، فهذا التّفسير في الحقيقة جواب عن سؤال مقدّر ، وهو أنّ التّعقيد بمعنى إيجاد الفعل من صفات المتكلّم ، فكيف جعله المصنّف من صفات الكلام؟
والجواب : إنّ التّعقيد بمعنى كون الكلام معقّدا ليس من صفات المتكلّم ، بل هو من صفات الكلام ، غاية الأمر يكون المصدر من المبنيّ للمفعول لا بمعنى اشتقاق المصدر من الفعل المجهول كي يقال : إنّ المصدر لا يؤخذ من الفعل ، بل الفعل يؤخذ منه ، بل بمعنى أنّ المصدر كان في الأصل فعلا مجهولا ، ثمّ أوّل إلى المصدر بسبب أداة المصدر ، وقد ذهب الشّارحين في المقام إلى اليمين والشّمال تركناه رعاية للاختصار.
(١) أي في التّركيب سواء كان نظما أو نثرا ، وهذا هو التّعقيد اللّفظي وما يأتي في قوله «وإمّا في الانتقال» هو التّعقيد المعنوي ، وظاهره أنّ القضيّة حقيقيّة أي مانعة الجمع والخلوّ ، وقيل : إنّها مانعة الخلو فيجوز الجمع.