[كقول الآخر] وهو (١) عبّاس بن الأحنف ، ولم يقل كقوله (٢) ، لئلّا يتوهّم عود الضّمير إلى الفرزدق [سأطلب بعد الدّار عنكم لتقربوا* وتسكب] بالرّفع وهو الصّحيح (٣) ، وبالنّصب وهم (٤) ، [عيناي الدّموع لتجمدا (٥)]
______________________________________________________
«وتسكب عيناي الدّموع لتجمدا» أو لم تتعدّد ولا خلل في صورتين منها ، وهما إذا كانت القرينة غير خفيّة سواء تعدّدت الوسائط كما في قولك : (فلان كثير الرّماد) أو لم تتعدّد ، كما في قولك : (فلان طويل النّجاد) وفي المقام كلام طويل أضربنا عنه تجنّبا عن التّطويل المملّ.
(١) أي الآخر.
(٢) أي لم يقل كقوله ، لئلّا يتوهّم عود الضّمير إلى الفرزدق بل قال : كقول الآخر أي قول الشّخص الآخر لئلّا يتوهّم أنّ هذا أيضا من الفرزدق.
(٣) هو الصّحيح رواية ودراية لثبوته عنده بالنّقل الصّحيح ولذا أجرى عليه في بيان معنى البيت كما يأتي.
(٤) أي غلط ، لأنّ نصبه إمّا عطف على «تقربوا» أو على «بعد» وكلاهما لا يصحّ إذ يلزم على الأوّل أن يكون سكب الدّموع علّة لطلب البعد ، وعلى الثّاني يلزم أن يكون الحزن مطلوبا.
(٥) أي العينان ، إنّ قوله «سأطلب» السّين لمجرّد التّأكيد ، وقيل للاستقبال والتّأكيد معا وإنّما أتى به للإشارة إلى أنّ بعد الدّار وإن كان وسيلة للقرب الّذي هو المقصد الأقصى للعشّاق إلّا أنّه من حيث إنّه بعد في نفسه ، ومع قطع النظر عن الغرض المقصود منه حقيق بأنّه سيوف ، ومن أجل ذلك أضافه الشّاعر إلى الدّار لا إلى نفسه وأضاف القرب إلى الأحبّة ، و «أطلب» متكلّم من الطّلب ، «البعد» بالضمّ ضدّ القرب ، «تسكب» بضمّ الكافّ مضارع من السّكب بمعنى الصّبّ أي تصبّ ، «الدّموع» جمع دمع ، وهو ماء العين «تجمد» بكسر الميم مضارع من الجمود وهو الجفاف وانقطاع الدمع للفرح والسّرور.
الإعراب : «سأطلب» السّين لمجرّد التّأكيد ، «أطلب» فعل مضارع مرفوع ، والضّمير المستتر فيه وجوبا فاعله «بعد الدّار» مضاف ومضاف إليه مفعول «أطلب» ، «عنكم» جار ومجرور متعلّق ب «بعد» ، «لتقربوا» اللّام حرف جرّ ، و «تقربوا» فعل مضارع منصوب بأن ، والضّمير المستتر فيه فاعله ، والجملة مؤوّلة بالمصدر ، أي قربكم وهو مجرور باللّام