أمّا المركّب فظاهر (١) ، وأمّا المفرد فكما تقول عند التّعداد : دار ، غلام ، جارية ، ثوب ، بساط إلى غير ذلك [والبلاغة في الكلام مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته (٢)] أي فصاحة الكلام (٣) ، والحال : هو الأمر الدّاعي للمتكلّم إلى أن يعتبر مع الكلام الّذي يؤدّى به أصل المراد خصوصيّة ما (٤)
______________________________________________________
وليس الأمر كذلك ، فإنّه محال ، لأنّ من المقاصد ما لا يمكن التّعبير عنه إلّا بالمفرد ، كما إذا أراد شخص أن يلقى على الحاسب أجناسا مختلفة ليرفع حسابها فيقول : دار ، جارية ، ثوب ، وهكذا ، فإنّه عندئذ لا يقتدر على التّعبير عن مقصوده بكلام فصيح ، لا بدّ له أن يعبّر عنه بالمفرد فيكون من قدر على التّعبير عن مقصوده بكلام فصيح وبمفرد فصيح فصيحا.
ثمّ منشأ التّوهّم على التّقدير المذكور هو كون اللّام في المقصود للاستغراق ، كما أنّ الأمر كذلك ، إذ لو لم يحمل على الاستغراق للزم أن يكون فصيحا من له ملكة يقتدر بها على التّعبير عن بعض مقاصده بلفظ فصيح ، وليس الأمر كذلك فإنّ الفصيح على ما اصطلحوا عليه من له ملكة يقتدر بها على التّعبير عن جميع مقاصده بلفظ فصيح.
(١) لكثرة أفراده بخلاف المفرد فإنّه ليس له إلّا صورة واحدة وهي ما مثّل لها بقوله : «دار ، غلام ، جارية ، ثوب ، بساط ...» وقيّد هذه الأمثلة بقوله : «عند التّعداد» أي من غير تقدير ما يصير به المفرد جملة ، إذ على فرض التّقدير المذكور تخرج الأمثلة المذكورة عن كونها أمثلة للمفرد.
(٢) أي لمّا فرغ المصنّف من بيان الفصاحة شرع في بيان البلاغة. وهي في الأصل واللّغة وإن كانت بمعنى الانتهاء ، فيقال : بلغت المكان ، أي انتهيت إليه إلّا أنّها في الاصطلاح : «مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته» أي ذلك الكلام.
فقوله : «مع فصاحته» حال من الضّمير المجرور في مطابقته فالمعنى ما ذكرنا من أنّ البلاغة في الكلام يحصل بالمطابقة المقارنة بالفصاحة.
(٣) هذا التّفسير إشارة إلى أنّ البلاغة في الكلام لا تتحقّق إلّا عند تحقّق أمرين :
أحدهما : مطابقة الكلام لمقتضى الحال. ثانيهما : كون الكلام فصيحا.
(٤) هذا الكلام تفسير للمضاف إليه أعني «الحال» ، حيث إنّه ممّا أضيف إليه قوله :