لأنّ التّغاير (١) بين الحال والمقام إنّما هو بحسب الاعتبار (٢) وهو (٣) أنّه يتوهّم في الحال كونه زمانا لورود الكلام فيه ، وفي المقام كونه محلّا له (٤) وفي هذا الكلام (٥) إشارة إجماليّة (٦) إلى ضبط مقتضيات الأحوال (٧)
______________________________________________________
مقتضى الحال أعني قوله : «مقتضى الحال مختلف» ، والدّليل ـ أعني قوله : «فإنّ مقامات الكلام متفاوتة» ـ إنّما يدلّ على اختلاف مقتضيات المقامات لا على اختلاف مقتضيات الأحوال ، والمدّعى هو الثّاني.
وحاصل الدّفع : إنّ مقتضيات المقامات مع مقتضيات الأحوال أمر واحد بناء على أنّ الحال والمقام أمر واحد ، والفرق بينهما إنّما هو بالاعتبار ، يعني أنّ إنكار المخاطب مثلا يعبّر عنه بالحال إن اعتبر كونه زمان ورود الكلام ، ويعبّر عنه بالمقام إن اعتبر كونه مكان ورود الكلام ، وقس عليه جميع المقامات والأحوال.
(١) علّة لقوله : «هذا عين تفاوت مقتضيات الأحوال».
(٢) أي بحسب اعتبار المعتبر ، وأمّا بحسب الذّات فهما أمر واحد.
(٣) أي الاعتبار.
(٤) وحاصل الكلام في الفرق الاعتباري بين الحال والمقام : إنّ الأمر الدّاعي لإيراد الكلام إذا توهّم كونه زمانا لذلك الكلام يسمّى حالّا ، لأنّ أحد الأزمنة الثّلاثة يسمّى حالّا ، وإذا توهّم فيه كونه محلّا له يسمّى مقاما ، وإنّما عبّر الشّارح بالتّوهّم ، لأنّ الأمر الدّاعي ليس في الحقيقة زمانا ولا مكانا ، وإنّما ذلك أمر توهّمي.
(٥) والمراد من «الكلام» المشار إليه هو قول المصنّف الآتي : أعني «فمقام كلّ من التّنكير والإطلاق والتّقديم والذّكر يباين مقام خلافه».
(٦) أمّا وجه كون الكلام الآتي إشارة فواضح ، فإنّ صريحه تفصيل تفاوت المقامات ، وأمّا وجه كونها إجماليّة ، فلأنّه لم يبيّن محالّ تلك المقتضيات ومتعلّقاتها وأقسامها تفصيلا ، بل اكتفى بذكرها إجمالا ، مثلا ذكر التّنكير ، ولم يبيّن أنّ محلّه هو المسند إليه أو المسند.
(٧) يتعلّق بإشارة إجماليّة ، وقد أشار إلى ضبط مقتضيات الأحوال على ثلاثة أقسام :
القسم الأوّل : ما يخصّ أجزاء الجملة ، وقد أشار إليه بقوله : «فمقام كلّ من التّنكير والإطلاق والتّقديم والذّكر يباين مقام خلافه».