فإنّ مقام الأوّل (١) يباين مقام الثّاني (٢) ، فإنّ الذّكي (٣) يناسبه من الاعتبارات اللّطيفة
______________________________________________________
يقل : (ومقام خطاب الذّكي يباين مقام خطاب الغبيّ) ـ اختصارا ، لأنّ «كذا» ولفظ «مع» أخصر من ذكر لفظ المقام مرّتين ولفظ «يباين» مرّة واحدة ، والمعنى : ومثل مقام الإيجاز ومقام خلافه في التّباين مقام خطاب الذّكي مع مقام خطاب الغبيّ ، فالمقصود من هذا الكلام هو تشبيه المقامين بالمقامين في التّباين ، وعلى هذا فلفظ مقام مقدّر في كلام المصنّف ، وقد أشار إليه الشّارح بقوله : «فإنّ مقام الأوّل يباين مقام الثّاني».
وتفصيل الكلام في هذا المقام أنّ اسم الإشارة أعني كلمة (ذا) في قوله : «وكذا» يحتمل أن يكون راجعا إلى «مقام» مضاف إلى الإيجاز وخلافه ، فيكون المعنى : مثل مقام الإيجاز وخلافه في التّباين مقام خطاب الذّكي مع خطاب الغبيّ فيجب تقدير لفظ «مقام» في كلام المصنّف كما عرفت. ويحتمل أن يكون راجعا إلى «مقام» مضاف إلى الأمور المذكورة كلّها ، فيكون المعنى : مثل ما ذكر من التّنكير والإطلاق والتّقديم والذّكر بالنّسبة إلى مقام خلافه ، ومقام الفصل بالإضافة إلى مقام الوصل ، ومقام الإيجاز بالنّسبة إلى مقام خلافه في التّباين مقام خطاب الذّكي مع مقام خطاب الغبيّ ، فالمقصود من هذا الكلام حينئذ هو تشبيه مقام خطاب الذّكي مع خطاب الغبيّ بالمقامات المتقدّمة في التّباين فيجب أيضا تقدير لفظ مقام في كلام المصنّف ، كما أشار إليه الشّارح بقوله : «فإنّ مقام الأوّل يباين مقام الثّاني». ويحتمل أنّ يكون راجعا إلى نفس الأمور المذكورة الّتي لها تلك المقامات ، من التّنكير والإطلاق والتّقديم والذّكر والفصل والإيجاز وخلافها ، فيكون المستفاد من قوله : «وكذا ...» تشبيه ما يخاطب به الذّكي ، وما يخاطب به الغبيّ بالأمور المتقدّمة وخلافها في التّباين ، فالمعنى مثل ما ذكر من الأمور المتقدّمة وخلافها ما يخاطب به الذّكيّ مع ما يخاطب به الغبيّ في التّباين ، وعلى جميع التّقادير إضافة الخطاب إلى الذّكي والغبيّ من إضافة المصدر إلى المفعول ، والمراد من الخطاب ما خوطب به.
(١) أي مقام خطاب الذّكيّ.
(٢) أي مقام خطاب الغبيّ ، وذكر المقام إشارة إلى تقدير مضاف.
(٣) تعليل للتّباين بين مقام خطاب الذّكي ، وحاصل الكلام في المقام أنّ الذّكاء سرعة الفطنة ، والغباوة عدم الفطنة كما في القاموس.