لذلك (١) ، فوضعوا علم المعاني للأوّل (٢) ، وعلم البيان للثّاني (٣) ، وإليه (٤) أشار بقوله : [وما يحترز به عن الأوّل] أي الخطأ في تأدية المعنى المراد [علم المعاني ، وما يحترز به عن التّعقيد المعنوي علم البيان] وسمّوا هذين العلمين علم البلاغة ، لمكان مزيد اختصاص لهما بالبلاغة (٥) وإن كانت البلاغة تتوقّف على غيرهما (٦) من العلوم ثمّ احتاجوا (٧) لمعرفة توابع البلاغة (٨) إلى علم آخر ، فوضعوا لذلك علم البديع ،
______________________________________________________
الأوّل : الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد.
الثّاني : الاحتراز عن التّعقيد المعنوي.
الثّالث : تمييز الكلام الفصيح عن غيره بالعلوم المذكورة.
الرّابع : أنّ تمييز التّنافر سواء كان في الحروف أو في الكلمات بالحسّ والذّوق السّليم.
(١) أي للاحتراز.
(٢) أي للاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد.
(٣) أي للاحتراز عن التّعقيد المعنوي.
(٤) أي أشار المصنّف إلى الوضع بقوله : «وما يحترز به عن الأوّل» أي الخطأ في تأدية المعنى المراد ، فتفسير الشّارح الأوّل بقوله : «أي الخطأ ...» إشارة إلى أنّ المراد بالأوّل هو أوّل الأمرين الباقيين ، وهما الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد ، والاحتراز عن التّعقيد المعنوي ، فليس المراد بالأوّل هو الأوّل في مقابل الثّاني وهو مطلق الاحتراز.
(٥) أي سمّى أئمّة البلاغة : المعاني والبيان علم البلاغة ، لثبوت زيادة اختصاص لهذين العلمين بالبلاغة ، ف «مكان» مصدر ميميّ ، بمعنى الثّبوت و «مزيد» مصدر ميميّ بمعنى الزّيادة. فحاصل الكلام في وجه تسمية علميّ المعاني والبيان بعلم البلاغة أنّ لهما مزيد اختصاص بالبلاغة ، بمعنى أنّ البلاغة لا تتحقّق إلّا بهما ، لأنّهما الجزء الأخير للعلّة ، لأنّ البلاغة كما تتوقّف عليهما كذلك تتوقّف على غيرهما من العلوم كاللّغة والصّرف والنّحو.
وقيل في وجه مزيد اختصاص لهما بالبلاغة : إنّ البلاغة تتوقّف عليهما بالذّات وعلى غيرهما بالواسطة.
(٦) أي على غير علم المعاني والبيان وهو علم اللّغة والصّرف والنّحو ، وقد عرفت توقّف البلاغة على هذه العلوم من حيث رجوعها إلى تمييز الكلام الفصيح عن غيره.
(٧) أي أئمّة البلاغة احتاجوا لمعرفة توابع البلاغة إلى علم آخر ، فوضعوا لمعرفة توابع البلاغة علم البديع.
(٨) وهي المحسّنات البديعيّة.