ونبوّ الأوطان (١) عنّي والأوطار حتّى طفقت أجوب كلّ أغبر قاتم الأرجاء وأحرّر كلّ سطر منه في شطر من الغبراء (٢)
يوما بحزوى ويوما بالعقيق وبال |
|
عذيب يوما ويوما بالخيلصاء (٣) |
ولمّا وفّقت بعون الله تعالى ، للإتمام (٤) وقوّضت (٥) عنه خيام الاختتام بعد ما كشفت عن وجوه خرائده (٦) اللّثام ، ووضعت كنوز فرائده على طرف الثّمام (٧) سعد الزّمان وساعد الإقبال
______________________________________________________
(١) «الأوطان» جمع الوطن و «الأوطار» جمع الوطر بمعنى الحاجة «طفقت» بمعنى صرت «أجوب» بمعنى أقطع «أغبر» بمعنى مكان ذي غبرة «قاتم» بمعنى مظلم «الأرجاء» جمع الرّجاء بمعنى النّاحية. والمعنى مع بعد الأوطان والحاجات بسبب سفري المانع من الوصول إليهما. حتّى صرت أقطع كلّ مكان ذي غبرة وغبار مظلم النّواحي بتلك الغبرة.
(٢) أي أقوم واكتب كلّ سطر من المختصر في قطعة من الأرض ذات الغبار.
(٣) حزوى والعقيق والعذيب والخليصاء مواضع بالحجاز ، ويريد الشّارح من ذكر هذا الشّعر تشبيه حاله بحال هذا الشّاعر في التّعب وأنّه ألّف هذا الشّرح في حال متعبة.
(٤) أي إتمام المختصر. وفيه إشارة إلى أنّ الدّيباجة كانت متأخّرة عن تأليف المختصر.
(٥) «قوّضت» بالقاف ثمّ الواو المشدّدة من التّقويض وهو نقض البناء من غير هدم ، والمراد به هنا الإزالة مجازا. الخيام جمع الخيمة و «الاختتام» ضد الافتتاح ومعنى نقض الخيام بالاختتام إزالتها بعد اختتام الكتاب حيث أنّ الكتاب قبل الإتمام لاحتجابه عن نظر الأنام كان كمن ضرب عليه الخيمة ، وإظهاره على النّاس بعد الإتمام كان كنقض الخيمة وإزالتها ورفعها.
(٦) «خرائد» جمع خريدة وهي الحسناء من النّساء ، والمراد بها هنا المطالب الدّقيقة «اللّثام» ككتاب ما يجعل على الفم من النّقاب ، و «فرائد» جمع فريدة وهي الدّرّة الكبيرة الثمّينة أي ذات الثمّن الكثير الّتي تحفظ في ظرف ولا تخلط بغيرها من اللآلئ لشرفها ، والمراد بها هنا المسائل الدّقيقة ، فشبّه المسائل الدّقيقة بالفرائد واستعار الفرائد لها.
(٧) متعلّق بقوله : «وضعت» والمراد بطرفه حدّه الأعلى و «الثّمام» بضم الثّاء وفتحها نبت ضعيف يتناول باليد لقربه من الأرض فيكون كناية عن أداء المعاني بألفاظ يفهم منها المعنى بلا مشقّة.