ودنا المنى ، وأجابت الآمال ، وتبسّم في وجه رجائي المطالب ، بأن توجّهت تلقاء مدين المآرب حضرة من أنام الأنام في ظل الأمان ، وأفاض عليهم سجال العدل والإحسان ، ورد بسياسته القرار إلى الأجفان ، وسدّ بهيبته دون يأجوج الفتنة طرق العدوان ، وأعاد رميم الفضائل والكمالات منشورا ، ووقع بأقلام الخطيّات على صحائف لنصرة الإسلام منشورا. وهو السّلطان الأعظم ، مالك رقاب الأمم ، ملاذ سلاطين العرب والعجم ، ملجأ صناديد ملوك العالم ، ظلّ الله على بريّته ، وخليفته في خليقته ، حافظ البلاد ، ناصر العباد ، ما حي ظلم الظّلم والعناد ، رافع منار الشّريعة النّبويّة ، ناصب رايات العلوم الدّينيّة ، خافض جناح الرّحمة لأهل الحقّ واليقين ، مادّ سرادق الأمن بالنّصر العزيز والفتح المبين كهف الأنام ملاذ الخلائق قاطبة ظلّ الإله جلال الحقّ والدّين ، أبو المظفّر السّلطان محمود جاني بك خان ، خلّد الله سرادق عظمته وجلاله ، وأدام رواء نعيم الآمال من سجال أفضاله ، فحاولت بهذا الكتاب التّشبّث بأذيال الإقبال والاستظلال بظلال الرّأفة والإفضال ، فجعلته خدمة لسّدته الّتي هي ملتثم شفاه الأقيال ، ومعول رجاء الآمال ، ومثوى العظمة والجلال ، لا زالت محطّ رجال الأفاضل ، وملاذ أرباب الفضائل ، وعون الإسلام وغوث الأنام بالنّبي وآله عليه وعليهم السلام.
فجاء (١) بحمد الله كما يروق (٢) النّواظر (٣) ، ويجلو صداء الأذهان (٤) ، ويرهف (٥) البصائر ويضيء ألباب أرباب البيان ، ومن الله التّوفيق والهداية ، وعليه التّوكّل في البداية والنّهاية ، وهو حسبي ونعم الوكيل.
______________________________________________________
(١) عطف على قوله : «فانتصبت لشرح» فجاء هذا الشّرح ملتبّسا بحمد الله وعونه.
(٢) قوله : «يروق» بمعنى يعجب يقال : راقني الشّيء أي أعجبني.
(٣) قوله : «النّواظر» جمع النّاظرة بمعنى عين.
(٤) قوله «ويجلو صدأ الأذهان» أي يزيل وسخ الأذهان وغباوتها.
(٥) قوله : «يرهف البصائر» من الإرهاف بالفاء بمعنى التّحديد فإرهاف السّيف عبارة عن تحديده وترقيقه و «البصائر» جمع البصيرة وهي قوّة في القلب يحصل بها التّمييز التّام ، وهي في القلب بمنزلة البصر في الرّأس فمعنى «يرهف البصائر» أي يقوّيها. والألباب جمع اللّبّ بمعنى العقل ، فالمعنى ينوّر عقول أرباب البيان بإزالة ظلمة الجهل عنهما.
هذا تمام الكلام في شرح ديباجة الشّارح.