كما تقول (١) لمنكر الإسلام : الإسلام حقّ من غير تأكيد (٢) لأنّ مع ذلك المنكر دلائل دالّة على حقيّة الإسلام (٣). وقيل : معنى كونه (٤) معه (٥) أن يكون معه موجودا في نفس الأمر (٦) ،
______________________________________________________
مجالا لقوله : «إن تأمّله» لأنّ التّأمّل عبارة عن النّظر في الأمر ، فلا مجال له إذا كان الدّليل معلوما للإنسان إذ العلم بالدّليل علم بالمدلول لا محالة ، لأنّ الدّليل ما يلزم من العلم به العلم بشيء آخر ، فحينئذ لا يتوقّف الارتداع على التّأمّل.
فإنّه يقال : بأنّ المراد بالدّليل ليس الدّليل المنطقيّ وهو ما يلزم من العلم به العلم بالمدلول حتّى يرد ما ذكره ، بل المراد به الدّليل الأصوليّ ، وهو ما يمكن التّوصّل بصحيح النّظر فيه إلى مطلوب خبريّ ، ولا ريب أنّ مجرّد العلم بالدّليل بهذا المعنى لا يستلزم العلم بالمدلول ، بل يحتاج إلى التّأمّل وصحيح النّظر فيه.
(١) أي كقولك ، أي كالتّنزيل الّذي في قولك ـ لمنكر الإسلام ـ الإسلام حقّ ، فتكون «ما» مصدريّة ، وفي الكلام حذف ، لأنّ المقصود التّمثيل التّنزيل المذكور في المتن.
(٢) أي يلقى الكلام إلى اليهوديّ والنّصرانيّ وغيرهما ممّن ينكر الإسلام مجرّدا عن المؤكّدات على خلاف مقتضى الظّاهر تنزيلا له منزلة الخاليّ الذّهن الغير المنكر لما معه من الدّلائل والعلامات الدّالّة على حقّيّة الإسلام ، ممّا لو تأمّله المنكر لرجع عن إنكاره ، واعترف بصحّته.
(٣) أي الدّلائل الدّالّة على حقّيّة الإسلام ، هي العلامات الدّالّة على نبوّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم الموجودة في التّوراة والإنجيل وإعجاز القرآن المتضمّن للآيات الكونيّة الدّالّة على وحدانيّة الصّانع ، وأنّه خلق السّماوات والأرض والنّجوم والقمر وغيرها من الموجودات.
(٤) هذا وجه ثان في بيان معنى «معه» حاصله : إنّ كون الدّلائل مع المنكر ليس معناه كونها معلومة له ، كما مرّ ، بل معناه أن تكون الدّلائل موجودة في نفس الأمر فقط.
(٥) أي مع ذلك المخاطب المنكر المنزّل منزلة غير المنكر.
(٦) أي الخارج ، وحاصل المعنى : أنّه يكفي في تنزيل المخاطب المنكر منزلة غير المنكر أن يكون معه ما يدلّ على حقيّة الإسلام في الواقع فقط بدون علم ذلك المنكر به.