وفيه نظر (١) ، لأنّ مجرّد وجوده لا يكفي في الارتداع ما لم يكن حاصلا عنده (٢).
وقيل (٣) : معنى ما إن تأمّله شيء من العقل. وفيه نظر ، لأنّ المناسب حينئذ (٤) أن يقال : ما إن تأمّل به ، لأنّه لا يتأمّل العقل ، بل يتأمّل به. [نحو :](لا رَيْبَ فِيهِ) [(٥)] ظاهر هذا الكلام أنّه مثال لجعل منكر الحكم كغيره (٦) ، وترك التّأكيد (٧) لذلك ،
______________________________________________________
(١) أي فيما قيل نظر وإشكال ، حاصله : إنّ مجرّد وجود ما يدلّ على حقيّة الإسلام في نفس الأمر من دون العلم به لا يكفي في الارتداع.
(٢) وذلك لإمكان أن يكون ذلك موجودا في نفس الأمر ولكنّه لا يكون معلوما له ولا مشاهدا ، فلا يمكنه التّأمّل فيه لعدم حصوله بوجه حتّى يحصل الارتداع.
(٣) هذا وجه ثان في معنى لفظة «ما» في قوله : «ما إن تأمّله» يعني ليس المراد من «ما» الموصولة الدّلائل كما سبق ، بل المراد منها هو العقل ، فمعنى العبارة حينئذ : إذا كان مع المنكر عقل لو تأمّل به لارتدع عن الإنكار فتكون الباء للسّببيّة.
(٤) أي حين تفسير «ما» الموصولة بالعقل لا بالأدلّة ، أن يقول المصنّف «ما إن تأمّل به» ، وفي قوله : «لأنّ المناسب» إشارة إلى صحّة هذا الاحتمال ، وال «قيل» بالحمل على الحذف والإيصال ، فكان الأصل : ما إن تأمّل به ، فحذفت الباء وأوصل الضّمير بالفعل ، أو يقال : إنّ مراده بالعقل الأدلّة العقليّة ، فلا يرد عليه ما في المفصّل في شرح المطوّل ، من أنّه مستلزم للحذف والإيصال من دون ضرورة ألجأنا إليها.
(٥) أي لا شكّ في الكتاب.
(٦) أي ظاهر الكلام ـ أعني (لا رَيْبَ فِيهِ) هو التّمثيل لا التّنظير وذلك لوجهين :
الأوّل : إنّ المتبادر من ذكره بعد القاعدة ـ أعني جعل المنكر كغير المنكر ـ أنّه تمثيل لها.
الثّاني : إنّ المتبادر من ذكر لفظ «نحو» هو التّمثيل إذ لو كان للتّنظير لقال : نظير (لا رَيْبَ فِيهِ).
(٧) قوله : «وترك» بالجرّ عطف على «جعل» ، فمعنى العبارة : ظاهر هذا الكلام أنّه مثا لجعل منكر الحكم كغيره ، ولترك التّأكيد «لذلك» أي لذلك الجعل.
لا يقال : بأنّه لا نسلّم أنّ (لا رَيْبَ فِيهِ) خال عن التّأكيد ، بل إنّه مؤكّد بلا الّتي لنفي