[ما] دام [لم يعلم أو] لم [يظنّ أنّ قائله] أي قائل هذا القول [لم يعتقد ظاهره] أي ظاهر الإسناد ، لانتفاء التّأوّل حينئذ (١) لاحتمال (٢) أن يكون هو معتقدا للظّاهر (٣) ، فيكون من قبيل قول الجاهل : أنبت الرّبيع البقل
______________________________________________________
عن إرادة ظاهر الكلام ، فيحمل على الحقيقة لكونه إلى ما هو له عند المتكلّم في الظّاهر وقد زاد الشّارح لفظ «دام» بعد «ما» وقبل «لم يعلم» ولكن ليس مراده تقدير لفظ (دام) وحذفه ، لأنّ حذف الأفعال الناقصة لا يجوز سوى لفظ (كان) بل مراده بيان حاصل المعنى بجعل «ما» مصدريّة نائبة عن ظرف الزّمان المضاف إلى المصدر المؤوّل صلتها به.
فمعنى العبارة : لم يحمل على المجاز مدّة انتفاء العلم أو الظّنّ بأنّه لم يرد ظاهره ، فما المصدريّة الظّرفيّة يصحّ وصلها بالمضارع المنفيّ من دون حاجة إلى زيادة لفظ (دام).
نعم ، يمكن أن يقال : إنّما زادها ، لأنّ فهم كونها مصدريّة ظرفيّة مع (دام) أقرب منه في غيرها.
(١) أي حين عدم العلم أو الظّنّ بحال المتكلّم ومذهبه. وقوله : «لانتفاء التّأوّل» علّة «لم يحمل» ، فمعنى العبارة : لم يحمل على المجاز ، لانتفاء التّأوّل المشروط في المجاز ، فإن شكّ فالأصل الحقيقة ، فالاحتمالات هي خمسة :
الأوّل والثّاني : علم أو ظنّ أنّ قائله أراد ظاهره ، فيكون حقيقة.
الثّالث والرّابع : علم أو ظنّ أنّه أراد خلاف ظاهره فيكون مجازا.
الخامس : شكّ فيه ، فيكون حقيقة.
(٢) علّة لانتفاء التّأوّل.
(٣) أي لظاهر الإسناد فيكون الإسناد حقيقة عقليّة كقول الجاهل : أنبت الرّبيع البقل.
لا يقال : إنّ انتفاء التّأوّل لا ينحصر في هذا الاحتمال ، بل يمكن مع احتمال عدم اعتقاد الظّاهر ، لأنّه قد لا يعتقد الظّاهر ولا ينصب قرينة.
فإنّه يقال : إنّ المعتبر هو الاعتقاد بحسب ظاهر الحال ، لا نفس الأمر ، فلا أثر لذلك الاحتمال.
نعم ، إنّ احتمال أن يكون الشّاعر معتقدا للظّاهر بعيد جدّا ، لأنّ كون «كرّ الغداة ومرّ العشيّ» موجدا للشّيب معدما للكبير ممّا لم يقل به أحد من المحقّين والمبطلين.