[كما استدلّ (١)] يعني ما لم يعلم ولم يستدلّ (٢) بشيء على أنّه لم يرد ظاهره ، مثل هذا الاستدلال [على أنّ إسناد ميّز] إلى جذب اللّيالي [في قول أبي النّجم ميّز عنه] أي عن الرّأس (٣) [قنزعا عن قنزع]
______________________________________________________
(١) الكاف بمعنى المثل مفعول مطلق مجازيّ ل «لم يستدلّ» المفهوم من قوله : «لم يعلم» لأنّ عدم العلم ملزوم لعدم الاستدلال ، فيكون التّقدير : لم يعلم ولم يستدلّ مثل الاستدلال على أنّ إسناد ميّز ... مجاز ، ف «ما» في قوله : «كما استدلّ» مصدريّة.
(٢) ذكروا في وجه إتيان الشّارح بهذه العناية والتّفسير أمرين :
الأوّل : ما نسب إلى ياسين من أنّه أتى بهذه العناية للإشارة إلى أنّ تشبيه قوله : «ما لم يعلم» أو يظنّ أنّ قائله لم يرد ظاهره بالاستدلال الكائن في شعر أبي نجم إنّما هو باعتبار ما يستلزمه عدم العلم أو الظّنّ بأنّ قائله لم يرد ظاهره وهو عدم الاستدلال بأنّه لم يرد ظاهره ، فإنّه هو المناسب للمشبّه به والملائم له ، ومع قطع النّظر عن ذلك لا ملاءمة بين انتفاء العلم والظّنّ به ، والاستدلال الكائن في شعر أبي نجم.
الثّاني : ما ذكره عبد الحكيم من أنّ الشّارح أتى بهذه العناية إشارة إلى أنّ في كلام المصنّف حذف المشبّه ، والأصل ما لم يعلم أو يظنّ أنّ قائله لم يعتقد ظاهره ، ولم يستدلّ بشيء على ذلك استدلالا «كما استدلّ ...».
قال الشّيخ موسى البامياني رحمهالله في المقام ما هذا لفظه : أقول : الظّاهر صحّة التّشبيه من دون الالتزام بالحذف أو اعتبار اللّازم ، وذلك لأنّ كلا من انتفاء العلم والظّنّ بأنّه لم يرد ظاهره والاستدلال موجب للحمل على التّجوّز ، فبين الانتفاء المذكور والاستدلال شبه ، ووجه الشّبه : هو الحمل على التّجوّز موجود ، فيصحّ التّشبيه من دون الحاجة إلى التّكلّف ، فالمعنى لم يحمل على المجاز ما لم يحصل العلم المصحّح للتّجوّز ، كما حصل في قول أبي نجم ، الاستدلال المصحّح للتّجوّز ، وعليه فقوله : «كما استدلّ» متعلّق بانتفاء العلم ، انتهى مورد الحاجة.
(٣) أي عن الرّأس المتقدّم في قوله :
قد أصبحت أمّ الخيار تدّعي |
|
ليّ ذنبا كلّه لم أصنع |