تتقون يوم القيامة إن بقيتم على الكفر يوما (يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً)(١) نسب الفعل إلى الزّمان وهو فعل الله تعالى حقيقة ، وهذا (١) كناية عن شدّته وكثرة الهموم والأحزان (٢) فيه ، لأنّ الشّيب ممّا يتسارع عند تفاقم الشّدائد والمحن أو عن طوله ، وأنّ الأطفال يبلغون فيه أوان الشّيخوخة [(وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها)(٢) (٣)] أي ما فيها من الدّفائن والخزائن نسب الإخراج إلى مكانه (٤) وهو فعل الله تعالى حقيقة [وهو غير مختصّ بالخبر (٥)] عطف على قوله : كثير (٦) أي وهو غير مختصّ بالخبر
______________________________________________________
(١) أي قوله تعالى : (يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) كناية عن شدّته وكثرة الهموم ...
(٢) قوله : «الأحزان» عطف تفسيريّ للهموم ، والمراد من تفاقم الشّدائد تراكمها وتكاثرها ، فالكناية حينئذ مطابقة لما ذهب إليه السّكّاكي حيث ذكر اسم اللّازم وهو صيرورة الولدان شيبا بسرعة ، وأريد به الملزوم وهو الشّدّة وكثرة الهموم «أو عن طوله» أي اليوم والكناية حينئذ أيضا مطابقة لما اختاره السّكّاكي حيث إنّه أطلق اسم اللّازم وهو الصيرورة المذكورة ، وأريد به اللّازم أي طوله.
(٣) الأثقال جمع ثقل ، وهو متاع البيت.
(٤) أي الأرض ولا يخفى ما في المقام من العناية والمسامحة وذلك فإنّ الإخراج من المعاني لا مكان له ، وإنّما المحتاج إلى المكان متعلّقه وهو الشّيء المخرج ، ففي الحقيقة الفعل أسند إلى مفعوله بالواسطة ، فإنّ الأصل أخرج الله من الأرض أثقالها ، لكن عدّ مكان متعلّقه مكان نفسه بالعناية فإنّه بمنزلة مكان نفسه لوقوعه فيه فإسناد الإخراج إلى المكان ولو بالعناية مع أنّه فعل الله تعالى حقيقة إسناد إلى غير ما هو له ، فيكون مجازا عقليّا.
(٥) أي المجاز العقليّ ، الباء الدّاخلة على المقصور عليه ، والأكثر دخولها على المقصور بعد الاختصاص ، فالصّواب أن يقول : وهو غير مختصّ به الخبر.
(٦) مع قطع النّظر عن تقييده بقوله : «في القرآن» فلا يتوهّم أنّ معناه أنّه غير مختصّ بالخبر في القرآن فقط.
__________________
(١) سورة المزّمّل : ١٧.
(٢) سورة الزّلزلة : ٣.