وإنّما قال ذلك (١) لأنّ تسميته (٢) بالمجاز في الإثبات (٣) وإيراده (٤) في أحوال الإسناد الخبريّ يوهم اختصاصه (٥) بالخبر [بل يجري في الإنشاء نحو : (يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً)(١) (٦) لأنّ البناء فعل العملة وهامان سبب آمر ، وكذا قولك : ليبنت الرّبيع ما شاء (٧) ، وليصم نهارك (٨) ، وليجدّ جدّك (٩) ، وما أشبه ذلك ممّا (١٠) أسند الأمر أو النّهي إلى ما ليس المطلوب فيه صدور الفعل أو التّرك عنه ، وكذا (١١) قولك : ليت النّهر جار ،
______________________________________________________
(١) أي قوله : «غير مختصّ بالخبر».
(٢) أي المجاز العقليّ.
(٣) أي في الإخبار ، لأنّ الإنشاء غير ثابت.
(٤) أي المجاز العقليّ.
(٥) أي المجاز العقليّ مع أنّه لا يختصّ بالخبر ، بل يجري في الإنشاء.
(٦) تمام الآية : (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ ،) ومحلّ الشّاهد في (ابْنِ) حيث أسند إلى هامان ، لأنّه سبب آمر ، وإلّا فالبناء فعل العملة في الحقيقة ، ثمّ إنّ كونه مجازا عقليّا ليس بمتعيّن ، لاحتمال أن يكون قوله : (ابْنِ) بمعنى آمرك بالبناء فيكون مجازا لغويّا ، ومعنى الصّرح هو القصر ، فمعنى العبارة : يا هامان ابن لي قصرا عاليا.
(٧) فإنّ الإنبات فعل الله تعالى ، والرّبيع زمان له.
(٨) الأصل فيه : ولتصم أنت في نهارك.
(٩) والأصل فيه : ولتجدّ جدّا ، أي ولتجتهد اجتهادا ، فلمّا كان المصدر مشابها للفاعل الحقيقي وهو الشّخص في تعلّق وجود الفعل بكلّ منهما لصدوره من الفاعل وكون المصدر جزء معناه صحّ إقامة المصدر مقام الفاعل في إسناد الفعل إليه.
(١٠) بيان ل «ما» وحاصل الكلام أنّه إذا أسند الأمر أو النّهي إلى ما ليس المطلوب صدور الفعل أو التّرك عنه كان مجازا عقليّا.
(١١) وجه الفصل بلفظ «وكذا» أنّ قوله : «ليت النّهر جار» وهكذا قوله تعالى : (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ) ليسا بأمر ولا نهي ، بل قسم من الإنشاء ، وكان أصل «ليت النّهر
__________________
(١) سورة المؤمن : ٣٦.