في مقابل الإحسان ، وبالعكس في الثّناء باللّسان في مقابل الصّفات الذّاتيّة لله سبحانه ، والنّسبة بين المدح والحمد عموم مطلق حيث إن الثّاني مقيّد بكونه لذي عقل ، والأوّل لم يقيّد بذلك فكلّ حمد مدح ولا عكس كما في قولك : هذا اللّؤلؤ حسن جيّد برّاق ، فإنّه مدح وليس بحمد انتهى هذا تمام الكلام فيها لغة.
وبقي الكلام فيما هو المراد منها اصطلاحا. وقد ذكر غير واحد منهم :
أنّ الحمد اصطلاحا : فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بإنعامه سواء كان ذكرا باللّسان أو عملا وخدمة بالأركان أو اعتقادا أو محبّة بالجنان.
وأنّ الشّكر اصطلاحا : صرف العبد جميع ما أنعمه الله فيما خلق لأجله ، كصرف البصر في النّظر إلى مصنوعاته ، والسّمع في استماع ما ينبئ عن مرضاته وهكذا.
ولم يذكروا لخصوص المدح معنى اصطلاحيّا مغايرا لمعناه اللّغوي ، فالنّسبة بين الشّكر اللّغوي والشّكر الاصطلاحي ـ من حيث الحمل ـ عموم مطلق ، إذ كلّ صرف العبد جميع ما أنعمه الله فيما خلق لأجله فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بإنعامه ولا عكس ـ أي ليس كلّ فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بإنعامه صرف العبد جميع ما أنعمه الله فيما خلق لأجله ـ كما إذا وضع أحد يده فوق رأسه تعظيما لله على إنعامه له ولدا صالحا ، فإنّه فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بإنعامه ، وليس صرف العبد جميع ما أنعمه الله فيما خلق لأجله ، وكذلك من حيث التّحقّق والوجود في صقع الخارج لظهور أنّه كما تحقّق في الخارج صرف العبد جميع ما أنعمه الله فيما خلق لأجله بتحقّق فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بإنعامه وذلك لتحقّق الكلّي بتحقّق فرده المعيّن ولا عكس إذ يمكن أن يتحقّق الكلّي في ضمن فرده الآخر غير هذا الفرد.
والنّسبة بين الحمد الاصطلاحي والحمد اللّغوي عموم من وجه بعين ما تقدّم من النّسبة بين الحمد والشّكر اللّغويّين ، لأنّ الحمد الاصطلاحي عندهم هو عين الشّكر اللّغوي وقد عرفت أنّ النّسبة بين الشّكر اللّغوي والحمد اللّغوي هي عموم من وجه.
والنّسبة بين الحمد الاصطلاحي والشّكر اللّغوي هي التّساوي إن قلنا : بكون المتعلّق في كلّ منهما مطلق الأنعام. وعموم مطلق إن قلنا : بأنّ المتعلّق في الشّكر اللّغوي