أعني الإضافيّ (١) لأنّ معناه (٢) ملازم النّار وملابسها ويلزمه (٣) أنّه جهنّميّ (٤) فيكون انتقالا (٥) من الملزوم إلى اللّازم باعتبار الوضع الأوّل ، وهذا القدر كاف في الكناية (٦)
______________________________________________________
ملازم اللهب وملابسه ، واللهب الحقيقيّ شعلة نار جهنّم ، فمن هذه الجهة يصلح أن يجعل كناية عن الجهنّمي ، بأنّ يستعمل في معناه العلميّ لينتقل الذّهن منه بواسطة المعنى اللّغويّ إلى الجهنّميّ الّذي هو المراد الجدّي والمعنى الكنائي بخلاف اسم الإشارة والموصول والضّمير والمعرّف باللّام والاسم المضاف ، فإنّها لا تكون صالحة لأنّ تجعل كناية عن الجهنّمي لأنّها لا تدلّ إلّا على نفس الذّات الّتي لا ملازمة بينها وبين الجهنّمي عرفا حتّى يأتي تصوير الكناية.
(١) إشارة إلى دفع توهّم من أنّ المراد بالوضع الأوّل الوضع العلميّ في قولهم : ما وضع أوّلا هو العلم ، وما وضع ثانيا إن أشعر بمدح أو ذمّ فلقب ، وإن صدر بأب أو أمّ فكنية. وحاصل الدّفع : إنّ المراد بالوضع الأوّل هو الوضع الأوّل للمركّب الإضافيّ قبل جعله علما.
(٢) أي معنى لفظ أبي لهب بالنّظر إلى الوضع الأوّل قبل جعله علما ، والمراد معناه المجازيّ ، فإنّ ملازم النّار وملابسها بحسب الوضع الأوّل معنى مجازيّ له ، لأنّ المعنى الحقيقيّ أنّه أبّ للنّار لم يكن مقصودا بهذا التّركيب أصلا ، فالحاصل إنّ هذه كناية مبنيّة على مجاز.
(٣) أي الشّخص أنّه جهنّمي ، وحاصل الكلام أنّ أبا لهب معناه الأصليّ ملابسة اللهب ملابسة ملازمة كما أنّ معنى أبي الخير وأبي الشّرّ لمن يلابس هذين الأمرين ، وكون الشّخص جهنّميّا ملزوم لكونه ملابسا للهب الحقيقيّ فأطلق أبو لهب على الشّخص المسمّى ، ولو حظ معه معناه الأصليّ أعني الملابسة لينتقل منه إلى ملزومه وهو كونه جهنّميّا.
(٤) أي لزوما عرفيّا لأنّه يكفي عند أهل المعاني ، لأنّهم يكتفون بالملازمة في الجملة وهو أن يكون أحدهما بحيث يصلح للانتقال منه إلى الآخر.
(٥) أي فيكون الانتقال إلى كونه جهنّميّا انتقالا من الملزوم أعني الذّات الملزومة للنّار الحقيقيّة إلى اللّازم أعني كونه جهنّميّا.
(٦) أي الانتقال من المعنى الموضوع له أوّلا إلى لازمه كاف في الكناية وإن لم يكن