وإنّما قال : كالنّكرة لما بينهما (١) من تفاوت ما (٢) ، وهو أنّ النّكرة معناه (٣) بعض غير معيّن من جملة الحقيقة ، وهذا معناه نفس الحقيقة وإنّما تستفاد البعضيّة من القرينة كالدّخول والأكل فيما مرّ ، فالمجرّد (٤) وذو اللّام (٥) بالنّظر إلى القرينة (٦) سواء (٧) ، وبالنّظر إلى أنفسهما مختلفان (٨) ، ولكونه (٩) في المعنى كالنّكرة قد يعامل معاملة النّكرة ،
______________________________________________________
(١) أي بين النّكرة والمعرفة بلام الحقيقة.
(٢) وحاصل التّفاوت : إنّ المعرّف بلام العهد الذّهني مدلوله الحقيقة في ضمن فرد ما ، والنّكرة مدلولها فرد ما منتشر ، هذا إن قلنا : إنّ النّكرة موضوعة للفرد المنتشر ، فإن قلنا أيضا : إنّها للمفهوم كالمعرّف بلام الحقيقة ، فالفرق أنّ تعيين الجنس وعهديّته معتبر في مدلول المعرّف بلام العهد الذّهني غير معتبر في النّكرة وإن كان حاصلا.
(٣) أي معنى النّكرة بحسب الوضع غير معيّن من جملة أفراد الحقيقة ومعنى المعرّف هو نفس الحقيقة بحسب الوضع ، والبعضيّة والفرديّة مستفادة من القرينة كالدّخول مثلا.
(٤) أي المجرّد من اللّام ، نحو : سوقا.
(٥) نحو : السّوق.
(٦) قيد ل «ذو اللّام» إذ المجرّد استعماله في المفرد لا يتوقّف على القرينة.
(٧) في إفادة كلّ منهما بعضا غير معيّن ، وإن كان في النّكرة بالوضع ، وفي ذي اللّام بالقرينة. وبعبارة أخرى : إنّ المجرّد وذو اللّام سواء في أنّ المراد هو البعض في كليهما ، وإن كانت إرادة البعض في المجرّد بنفس اللّفظ ، وفي المعرّف بالقرينة.
(٨) بمعنى أنّ المجرّد موضوع للفرد المنتشر وذو اللّام للحقيقة المتّحدة المعيّنة في الذّهن ، وإنّما أطلق على الفرد للقرينة باعتبار وجود الحقيقة فيه ، فإفادة البعضيّة في المجرّد بالوضع وفي ذي اللّام بالقرينة.
(٩) أي المعرّف بلام العهد الذّهني ، وهذا بيان لرعاية الحيثيّة الثّانية الّتي تجري عليه باعتبارها أحكام النّكرة. وبعبارة أخرى : للمعرّف بلام العهد الذّهني اعتباران : اعتبار في اللّفظ ، فتجرى عليه أحكام المعرفة بهذا الاعتبار ، كما عرفت ، واعتبار في المعنى فتجرى عليه أحكام النّكرة بهذا الاعتبار ، لأنّه بهذا الاعتبار كالنّكرة فيعامل معه معاملتها ، ويوصف بالجملة كالنّكرة.