حقيقيّ] وهو أن يراد كلّ فرد (١) ممّا يتناوله اللّفظ بحسب اللّغة [نحو : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أي كلّ غيب وشهادة (٢) وعرفيّ] وهو أن يراد كلّ فرد ممّا يتناوله اللّفظ بحسب متفاهم العرف (٣) ، [نحو : جمع الأمير الصّاغة أي صاغة بلده و] أطراف [مملكته (٤)] لأنّه (٥)
______________________________________________________
(١) قد يقال : إنّ الإرادة فعل المتكلّم والاستغراق وصف اللّفظ ، فلا يصحّ قوله أعني «أن يراد» لكونه تعريفا للاستغراق بما هو مباين له.
فإنّه يقال : بأنّ الإرادة سبب للاستغراق الّذي هو عبارة عن شمول اللّفظ لكلّ فرد ، فهو من قبيل إطلاق السّبب وإرادة المسبّب ، فإذا لا غبار على ما ذكره.
نعم ، يلزم ارتكاب المجاز إلّا أنّه لا بأس به فإنّ تعاريف الأدباء مشحونة به.
(٢) أي الله عالم غائب عينا ، وكلّ مشاهد لنا ، إذ من الموجودات ما يدرك بالحسّ ويسمّى بالشّهادة والملك والخلق ، ومنها ما لا يدرك بالحسّ ويسمّى بالغيب والملكوت والأمر.
(٣) أي متفاهم للعرف ، لأنّ إضافة «متفاهم» إلى «العرف» لاميّة ، والمراد من العرف هو العرف العامّ ، أي بحسب فهم أهل العرف العامّ ، فإنّ ما كان بحسب العرف الخاصّ داخل في الحقيقيّ ، إذ ذكر اللّغة في تعريف الاستغراق الحقيقيّ إنّما هو من باب المثال لا من باب الاحتراز ، فإذا أريد كلّ فرد يتناوله اللّفظ بحسب العرف الخاصّ الشّرعي ، فهو داخل في الحقيقيّ ، كقولك : الصّلاة واجبة ، لعلوّ الدّرجة ، إلّا أن تكون فاسدة ، فالاستغراق العرفي أخصّ من الاستغراق اللّغوي.
(٤) إضافة الأطراف إلى المملكة بيانيّة ، ثمّ الوجه في الإتيان بمثالين هو اختلاف المفهومات العرفيّة ، فإنّ لها مراتب بعضها فوق بعض بخلاف المفهومات بحسب اللّغة ، و «صاغة» أصله صوغة ، كطلبة ، قلبت الواو ألفا لتحرّكها ، وانفتاح ما قبلها ، والمراد من صاغة بلده هو صاغة البلد الّذي هو ساكن فيه.
(٥) أي جميع صاغة البلد أو المملكة هو المفهوم عرفا لا جميع صاغة الدّنيا ، فالصّاغة بحسب وضعها اللّغوي ، وإن كان شاملا لجميع صاغة الدّنيا ، لكن أهل العرف بما أنّهم يعلمون بأنّ الأمير لا يقدر عادة على جمع صاغة الدّنيا كلّهم يفهمون أنّ المراد بها الصّاغة الموجودة في بلده أو مملكته.