لأنّه (١) يقتضي أن يكون إنسان غير المتكلّم قد رأى كلّ أحد من الإنسان ، لأنّه قد نفي عن المتكلّم الرّؤية على وجه العموم في المفعول (٢) فيجب أن يثبت لغيره على وجه العموم في المفعول ليتحقّق تخصيص المتكلّم بهذا النّفي [ولا ما أنا ضربت إلّا زيدا (٣)] لأنّه يقتضي أن يكون إنسان غيرك قد ضرب كلّ أحد سوى زيد ، لأنّ المستثنى منه مقدّر عامّ ، وكلّ ما نفيته عن المذكور على وجه الحصر ، يجب ثبوته لغيره تحقيقا لمعنى الحصر إن عاما فعامّ ، وإن خاصّا فخاصّ (٤) ، وفي هذا المقام مباحث نفيسة وشحنا بها في الشّرح (٥) [وإلّا (٦)] أي وإن لم يل المسند إليه حرف النّفي ، بأن لا يكون في الكلام
______________________________________________________
(١) أي هذا الكلام على تقدير الصّحّة «يقتضي أن يكون إنسان غير المتكلّم قد رأى كلّ أحد من النّاس» وكلّ إنسان موجود على وجه الكرّة الأرضيّة ، وهو مستحيل عادة.
(٢) أي أعني أحدا ، فمعنى «ما أنا رأيت أحدا» ما رأيت كلّ أحد ، ولازم ذلك أن يكون هناك شخص رأى كلّ أحد ، وهو مستحيل عادة ، كما ذكرنا ، وهنا كلام طويل تركناه خوفا من التّطويل المملّ ، ومن يريد ذلك فعليه بالمطوّل.
(٣) أي لا يصحّ «ما أنا ضربت إلّا زيدا» لأنّ هذا التّركيب أعني تقديم المسند إليه على الفعل دون حرف النّفي يفيد بمنطوقه أنّ نفي الضّرب لكلّ أحد غير زيد مقصور على المتكلّم ، ويفيد بمفهومه أن يكون إنسانا غيره ضرب كلّ أحد ، لأنّ المستثنى منه في الاستثناء المفرّغ مقدّر عامّ يدخل فيه المستثنى ، فالتّقدير : ما أنا ضربت كلّ أحد إلّا زيدا.
والحاصل : إنّ مفاد مفهوم هذا الكلام أن يكون إنسان غير المتكلّم قد ضرب كلّ أحد غير زيد ، وهو باطل لتعذّره.
(٤) نحو : ما أنا قرأت إلّا الفاتحة ، فيصحّ الكلام ، لأنّ مفاده أنّ إنسانا غيره قرأ كلّ سورة إلّا الفاتحة ، ومثال العامّ مذكور في المتن.
(٥) أي زيّنّا بتلك المباحث النّفيسة في المطوّل ، فراجع.
(٦) نفي للشّرط السّابق أعني ولي حرف النّفي وعطف على قوله : «وإن ولي حرف النّفي» والمعنى : إن ولي المسند إليه المقدّم حرف النّفي فهو يفيد التّخصيص قطعا سواء كان منكرا أو معرّفا أو مظهرا أو مضمرا ، وإن لم يل المسند إليه حرف النّفي ، بأن لا يكون