والآخر أن يعتبر ذلك ، أي يقدّر أنّه (١) كان في الأصل مؤخّرا [وإلّا] أي وإن لم يوجد الشّرطان (٢) [فلا يفيد] التّقديم (٣) [إلّا تقوّي الحكم] سواء (٤) [جاز] تقدير التّأخير [كما مرّ (٥)] في نحو : أنا قمت [ولم يقدّر أو لم يجز] تقدير التّأخير أصلا (٦) [نحو : زيد قام (٧)] فإنّه لا يجوز أن يقدّر (٨) أنّ أصله قام زيد ،
______________________________________________________
(١) أي المسند إليه كان في الأصل مؤخرا حقيقة على أنّه فاعل معنى ، فلا يكفي مجرّد إمكان جواز التّأخير ، بل إنّه كان مؤخّرا ، ثمّ قدّم لأجل إفادة التّخصيص.
وبالجملة إنّ التّقديم عند السّكّاكي يفيد التّخصيص بشرطين :
الأوّل : إمكانيّة فرض التأخير.
والثّاني : وقوع ذلك الفرض حتّى ينطبق على الاسم المقدّم ما هو المشهور عندهم من أنّ تقديم ما حقّه التّأخير يفيد الحصر والاختصاص.
(٢) سواء انتفاؤهما بانتفاء أحدهما أو بانتفاء كلّ واحد منهما.
(٣) أي لا يفيد تقديم المسند إليه «إلّا تقوّي الحكم».
(٤) إشارة إلى كفاية انتفاء أحد الشّرطين ، أي سواء كان انتفاء الشّرطين بانتفاء نفس التّقدير ، أو بانتفاء جواز التّقدير أو بانتفائهما معا.
(٥) في نحو : أنا قمت ، ولم يقدّر ، أو لم يجز أصلا نحو : زيد قام ، فإنّه لا يجوز أن يقدّر أنّ أصله قام زيد ، فقدّم زيد لما سيأتي عند قوله : «بخلاف المعرّف».
(٦) انتفاء جواز التّقدير يستلزم انتفاء التّقدير ، لأنّه لو لم يجز التّقدير لا يقدّر ، ومعنى قوله : «أصلا» أي لا على أنّه فاعل معنى فقط ، ولا على أنّه فاعل لفظا أيضا.
(٧) أي ممّا كان المسند إليه فيه معرفة من غير الضّمائر ، فلا يجوز تقدير التّأخير فيه بأن يقال : كان أصله قام زيد ، فقدّم ، لأنّ زيدا حينئذ فاعل لفظا ومعنى ، ولا يصحّ تقديمه على الفعل كما عرف في النّحو.
(٨) لأنّه إذا كان المسند إليه اسما ظاهرا ، كما في المثال المذكور لم يجز تأخيره بأن يكون فاعلا في المعنى فقط ، لأنّه إذا أخّر كان فاعلا في المعنى واللّفظ ، فلا يجوز تقديمه على الفعل ، إذ لا يجوز تقديم الفاعل الحقيقيّ على الفعل.