فإنّ فيه (١) مانعا من التّخصيص [وأمّا على تقدير الأوّل] يعني تخصيص الجنس (فلامتناع أن يراد أن المهر شر لا خير) لأنّ المهرّ (٢) لا يكون إلّا شرّا (وأما (٣) على) تقدير [الثّاني] يعني تخصيص الواحد [فلنبوّه (٤) عن مظانّ استعماله (٥)] أي لنبوّ تخصيص الواحد عن مواضع استعمال هذا الكلام (٦) ، لأنّه لا يقصد به إنّ المهرّ شرّ لا شرّان. وهذا ظاهر (٧)
______________________________________________________
(١) أي في قولهم : «شرّ أهرّ ذا ناب» مانع من التّخصيص فلا يقدّر فيه التّأخير ، بل يحمل على أن يكون شرّ مبتدأ من دون اعتبار التّأخير والتّقديم فيه ، وذلك لوجود مانع من تخصيص الجنس ، إذ المهرّ لا يكون إلّا شرّا ، فلا يكون السّامع متردّدا بين أن يكون المهرّ شرّا أو خيرا كي يقال : إنّه شرّ حتّى يفيد تخصيص الجنس ، هذا ما أشار إليه بقوله : «وأمّا على تقدير الأوّل» يعني تخصيص الجنس «فلامتناع أن يراد بالمهرّ شرّ لا خير» لأنّ المهرّ لا يكون إلّا شرّا ، وذلك لأنّ الهرير صوت الكلب غير نباحه المعتاد.
فإنّ للكلب نباحين معتاد وغير معتاد ، والأوّل يصدر منه عند إدراكه أمرا غريبا يسرّ صاحبه أو يضرّه ، والثّاني : ممّا جرّب أن صدوره عنه علامة إصابة صاحبه بمكروه وشرّ في المستقبل ، ولهذا يتطيّر به ، ومحلّ الكلام ليس إلّا شرّا محضا.
(٢) أي الصّوت الغير المعتاد لا يكون إلّا شرّا على ما عرفت ، لأنّ ظهور الخير للكلب لا يهرّه ولا يفزعه ، فلا معنى لنفي الخير حتّى يكون لتخصيص الجنس ، إذ الشّيء ينفى عن شيء إذا أمكن ثبوته له وإلّا خلا النّفي عن الفائدة.
(٣) أي وأمّا المانع عن التّخصيص على تقدير الثّاني أعني تخصيص الواحد «فلنبوّه» أي فلبعد هذا التّقدير الثّاني «عن مظانّ استعماله» أي استعمال قولهم : «شرّ أهرّ ذا ناب» لأنّه لا يستعمل عند القصد إلى أنّ المهرّ شرّ واحد لا شرّان ، وبعبارة أخرى : إنّه لا يستعمل لتخصيص الواحد.
(٤) مصدر نبا ينبو كمضى ، بمعنى البعد ، أي لبعده كما عرفت.
(٥) أي موارد استعمال قولهم : «شرّ أهرّ ذا ناب».
(٦) أي قولهم : «شرّ أهرّ ذا ناب».
(٧) من كلام القوم حيث قالوا : إنّ هذا ممّا قاله رجل حين نبح كلبه ، ثمّ صار مثلا