[وإذ قد صرّح الأئمّة بتخصيصه (١) حيث تأوّلوه (٢) بما أهرّ ذا ناب إلّا شرّ ، فالوجه] أي وجه الجمع بين قولهم بتخصيصه ، وقولنا بالمانع (٣) من التّخصيص [تفظيع (٤) شأن الشّر به بتنكيره (٥)] أي جعل التّنكير للتّعظيم والتّهويل ليكون المعنى شرّ عظيم فظيع أهرّ ذا ناب ، لا شرّ حقير ، فيكون تخصيصا نوعيّا ، والمانع إنّما كان من تخصيص
______________________________________________________
لقويّ أدركه العجز في حادثة ، وقالوا أيضا : إنّ مظنّة استعماله ما إذا كان المراد هو الإخبار عن فظاعة الحادث لا عن كونه واحدا لا اثنين.
وبعبارة أخرى : إنّ هذا الكلام أعني «شرّ أهرّ ذا ناب» إنّما يقال في مقام الحثّ على شدّة الحزم لهذا لشّرّ ، والتّحريض على قوّة الاعتناء به ، وكون المهرّ شرّا لا شرّين ممّا يوجب التّساهل وقلّة الاعتناء ، فلا يصلح قصده من هذا الكلام.
(١) أي بتخصيص هذا القول أي صرّح أئمّة النّحاة بالتّخصيص.
(٢) أي فسّروه بما أهرّ ذا ناب إلّا شرّ ، ومن البديهي أنّ ما النّافية وإلّا الاستثنائيّة تفيدان التّخصيص ، ثمّ يمكن أن يكون قوله : «وإذ قد صرّح الأئمّة ...» جواب سؤال مقدّر وهو أن يقال : لا نسلّم أنّه فيه مانع من التّخصيص ، كيف وقد صرّح أئمّة النّحاة بتخصيصه حيث تأوّلوه بما أهرّ ذا ناب إلّا شرّ.
وحاصل الجواب : إنّ تصريح الأئمّة لا ينافي وجود المانع عن التّخصيص ، وذلك لإمكان الجمع بين قولهم بتخصيصه وقولنا بالمنع من التّخصيص ، إذ المراد من التّخصيص في كلامهم هو التّخصيص النّوعي ، والمانع إنّما كان من تخصيص الجنس أو الواحد ، وقد أشار إليه بقوله : «فالوجه ...».
(٣) أي التّوفيق بين قول الأئمّة بتخصيص شرّ أهرّ ذا ناب ، قول السّكّاكي بعدمه لمانع.
(٤) التّفظيع من فظع الأمر ، بمعنى شدّة الشّناعة.
(٥) أي بسبب تنكيره ، أي الدّلالة على التّفظيع إنّما هو بسبب التّنكير ، فيصحّ قولهم : ما أهرّ ذا ناب إلّا شرّ ، أي إلّا شرّ فظيع ، أي عظيم لا شرّ حقير ، لأنّ التّقييد بالوصف نفي للحكم عمّا عداه كما هو طريقة بعض الأصوليّين «فيكون تخصيصا نوعيّا» لكون المخصّص نوعا من الشّرّ لا الجنس ولا الواحد «والمانع إنّما كان من تخصيص الجنس أو الواحد» وحينئذ لا منافاة بين قول السّكّاكي أنّ فيه مانعا من التّخصيص ، وبين كلام