استعارة بالكناية (١) وإثبات الوجوه له استعارة تخييليّة وذكر الأستار ترشيح (٢) ، ونظم (٣) القرآن تأليف كلماته
______________________________________________________
والثّاني : الطّريق القليل استعماله فيه. وأريد به في المقام هذا المعنى الثّاني لقرينة خفيّة وهي استحالة أن يكون للإعجاز جارحة مخصوصة.
(١) عطف على قوله «وتشبيه وجوه ...».
قال العلّامة المرحوم الشّيخ موسى الباميانى رحمهالله في المقام ما هذا لفظه : لمّا كان في قول المصنّف «به يكشف عن وجوه الإعجاز في نظم القرآن أستارها» اعتباران :
الأوّل : أن يعتبر تشبيه وجوه الإعجاز بالأشياء المحتجبة تحت الأستار بجامع الخفاء.
والثّاني : أن يعتبر تشبيه نفس الإعجاز بالصّور الحسنة بجامع ميل النّفس وتشوّقها إلى كلّ واحد منهما.
بيّن الشّارح كلّا من هذين الاعتبارين وتقدّم الكلام في الاعتبار الأوّل ، بقي الكلام في الثّاني حاصله : أنّ المصنّف قد شبّه في نفسه الإعجاز بالصّور الحسنة بجامع ميل النّفس ، فسكت عن ذكر أركان التّشبيه سوى المشبّه ، وهو الإعجاز وأثبت له لازما من لوازم الصّور الحسنة ، وهو الوجوه ، فهذا التّشبيه النّفسي استعارة بالكناية وهاتيك الإضافة أعني إضافة الوجوه إلى الإعجاز استعارة تخييليّة انتهى كلامه مع تصرّف ما.
(٢) لكونها ملائمة للمشبّه به وهو الصّور الحسنة لأنّ التّرشيح في اللّغة وإن كان بمعنى التّزيين إلّا أنّه في الاصطلاح أن تقترن الاستعارة مصرّحة كانت أو بالكناية بما يلائم المشبه به وذكر الأستار من هذا القبيل ، حيث رشّح وزيّن المصنّف هذا التّشبيه بذكر ما يلائم المشبّه به وهو الأستار ، وفي المقام كلام طويل تركناه رعاية للاختصار.
(٣) يراد به بيان نكتة اختيار التّعبير بالنّظم على التّعبير باللّفظ وهي التّنبيه على منشأ الإعجاز لأنّ إعجاز القرآن إنّما يحصل بأن يكون تأليف كلماته مترتّبة المعاني متناسقة الدّلالات على حسب ما يقتضيه العقل ، فإنّ الإعجاز إنّما هو باعتبار كمال البلاغة ، كمال البلاغة إنّما هو باعتبار النّظم لا بمجرد اللّفظ هذا مجمل الكلام في المقام.
وأمّا تفصيل ذلك فنقول : إنّ النّظم في اللّغة ، وإن كان بمعنى جمع اللّؤلؤ في السّلك ، إلّا أنّ ما ذكره الشّارح معنى اصطلاحيّ له والمناسبة بين المعنيين ظاهرة ، فان الكلمات المترتّبة أشبه شيء باللآلئ المنظّمة في السّلك.