يا من (١) شرح (٢) صدورنا (٣) لتلخيص البيان (٤)
______________________________________________________
وجه المشافهة.
ففيه التفات من الغيبة إلى الخطاب كما في قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) واختار تأخير المفعول ـ أي قال : «نحمدك» ولم يقل :
إيّاك نحمد ليدلّ على الاختصاص ـ لأصالته وللاستغناء عن التّقديم الدّالّ على الاختصاص لشهرة أمره في حقّه تعالى ، وشدّة وضوحه عن البيان.
(١) أتى بكلمة «يا» الموضوعة لنداء البعيد مع أنّه تعالى أقرب إلينا من حبل الوريد تعظيما وتبعيدا للحضرة المقدّسة عن الحامد لاتّصافه بالكدرات البشريّة من الذّنوب والآثام.
لا يقال : هذا ينافي ما سلف في نكتة الخطاب.
فإنّه يقال : إنّ الحضور الحسّي لا ينافي البعد الرّتبيّ.
وفي التّعبير عن الله تعالى في مقام النّداء بلفظ «من» إشارة إلى إطلاق المبهمات عليه تعالى نحو (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ)(١) ونحو : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ)(٢) فمنع صاحب المتوسّط إطلاقها عليه تعالى ممنوع ، ثمّ الإبهام يرتفع بالصّلة لاختصاصها بالله تعالى.
(٢) إنّ الشّرح : في اللّغة وإن كان بمعنى الكشف والتّوسيع ، فقوله : «شرح» أي كشف ووسّع إلّا أنّ المراد به هنا التّهيئة لقبول العلوم والمعارف.
(٣) الصّدور :
جمع صدر ، وهو وعاء القلب والقلب محلّ للرّوح فتوسيع الصّدر يقتضي تهيّؤ ما فيه من القلب الحالّ فيه الرّوح للعلوم. فالمتهيّئ للعلوم والقابل لها هو النّفس بمعنى الرّوح الحالّ في القلب الحالّ في الصّدر ففيه مجاز بمرتبتين من إطلاق المحلّ على الحالّ فيهما.
والمعنى :
يا من هيّأ أرواحنا القائمة بقلوبنا الّتي محلّها منّا الصّدور.
(٤) التّلخيص : بمعنى التّنقيح والتّذهيب «والبيان» مصدر بان بمعنى المنطق الفصيح ، والفصيح : هو المعرب عمّا في الضّمير.
__________________
(١) سورة الإسراء : ١.
(٢) سورة النّحل : ١٧.