مثل كلمة فصيحة (١) ، [والكلام (٢)] مثل كلام فصيح وقصيدة فصيحة (٣)
______________________________________________________
هذه جملة من معاني الفصاحة في اللّغة ، ولا ريب أنّ هذه المعاني ليست نفس الإبانة والظهور ولكن كلّها ترجع إلى الظّهور ، فدلالة الفصاحة عليه إنّما هي بالالتزام ، ولذا قال :
«تنبئ عن الإبانة والظّهور» ، وقد ظهر ممّا ذكرناه ما هو السّرّ في قول الشّارح : «تنبئ عن الإبانة والظّهور» دون أن يقول هي الإبانة والظّهور.
(١) يحتمل أن يكون المراد بالكلمة ما يصدق عليه هذا العنوان كقائم في زيد قائم ، فيكون حاصل المعنى يقال لجزء من الكلام كقائم ـ مثلا ـ هذه كلمة فصيحة ، ويحتمل ضعيفا أن يكون المراد بها نفس لفظها ، فإنّها من الألفاظ الفصيحة ، لخلوصها من تنافر الحروف والغرابة ومخالفة القياس اللّغوي ، لكنّ الظّاهر هو الأوّل بقرينة قوله «مثل كلام فصيح وقصيدة فصيحة» لأنّه قد أريد بهما مصداقهما لا أنفسهما لعدم صحّة المعنى حينئذ.
(٢) عطف على «المفرد» أي يوصف بالفصاحة المفرد مثل كلمة فصيحة ويوصف بها الكلام مثل كلام فصيح في النّثر وقصيدة فصيحة في النّظم.
(٣) إنّ إتيان الشّارح بالمثالين للكلام إشارة إلى أنّه لا فرق في الكلام بين المنثور والمنظوم فيكون دفعا لما ربّما يتوهّم من لفظ الكلام بأنّه منصرف إلى المنثور.
ثمّ المراد بالقصيدة هي الأبيات الّتي تبلغ عشرة أشطار وما فوقها ، وقيل : ما يتجاوز سبعة أشطار ، وما دون ذلك لا تسمّى قصيدة بل تسمّى قطعة ، والقصيدة مأخوذة من القصد ، لأنّ الشّاعر يقصد تجويدها وتهذيبها ، وقيل : مأخوذة من اقتصدت الكلام أي اقتطعته.
ثمّ الكلام في اللّغة : ما يتكلّم به الإنسان قليلا كان أو كثيرا ، وفي اصطلاح النّحاة ما يتضمّن كلمتين ، كي يكون مفيدا. وظاهر كلام المصنّف من الكلام هو المعنى الاصطلاحي ، فيكون مركّبا تامّا ، فيخرج المركّب النّاقص ، كرجل عالم ، وغلام زيد.
ومن هنا يظهر ما يرد على المصنّف ، ويقال : إنّ عبارة المصنّف قاصرة لأنّها لم تكن متكفّلة لبيان المركّب النّاقص لعدم كونه داخلا في الكلام ولا في المفرد ، فلازم ذلك أن لا توصف المركّبات النّاقصة بالفصاحة مع أنّهم يقولون مركّب فصيح لقولنا : غلام زيد.