[يوصف بها الأخيران فقط (١)] أي الكلام والمتكلّم دون المفرد (٢) إذ لم يسمع كلمة بليغة (٣). والتّعليل بأنّ البلاغة إنّما هي باعتبار المطابقة لمقتضى الحال وهي (٤) لا تتحقّق في المفرد وهم (٥)
______________________________________________________
مطابقة الكلام لمقتضى الحال ، ثمّ المناسبة بين المعنيين ظاهرة ، إذ لو أتى المتكلّم بكلام مطابق لمقتضى الحال فقد وصل إلى كنه مراده ، والمراد بها لغة هو الوصول الخاصّ أي وصول الرجل كنه مراده بعبارته. ثمّ إنّه ذكر غير واحد منهم أنّ الإتيان بقوله «تنبئ ...» للإشارة إلى أنّ معنى البلاغة في اللّغة ليس نفس الوصول والانتهاء ، بل أمر ينبئ عن ذلك ويستلزمه ، فإنّها في الأصل الوصول المخصوص وهو وصول الرّجل كنه مراده بعبارته لا الوصول المطلق.
نعم ، يستلزمه كما هو الشّأن في كلّ خاص بالقياس إلى عام مندرج فيه واستشهدوا على ذلك بما نسبوه إلى صاحب القاموس من قوله : بلغ الرّجل بلاغة ، إذا بلغ بعبارته كنه مراده مع إيجاز بلا إخلال أو إطالة بلا إملال.
وقيل : إنّ السرّ في الإتيان بكلمة «تنبئ» هو عدم كون الشّارح جازما بأنّها موضوعة في اللّغة لخصوص الوصول المخصوص أو لمطلق الوصول المشترك بين الوصول المطلق والخاصّ ، فمن ذلك قال : «تنبئ» أي تخبر عن الوصول والانتهاء لوضعه بإزائه ، أو لاستلزام ما وضع بإزائه له.
(١) قوله : «فقطّ» اسم فعل بمعنى انته ، الفاء الواقعة فيه لكونه جواب شرط مقدّر ، والتّقدير إذا وصفت بها الأخيرين فانته عن وصف الكلمة بها.
(٢) أي يقال كلام بليغ ، ورجل بليغ ، دون كلمة بليغة.
(٣) هذا الدّليل أخصّ من المدّعى ، لأنّ الكلمة أخصّ من المفرد لأنّ المفرد يشمل ما يقابل المثنّى والمجموع ، وما يقابل المضاف وما يقابل المركّب كما عرفت ، فلا يلزم من انتفاء سماع كلمة بليغة انتفاء سماع مفرد بليغ لأنّ نفي الخاصّ لا يستلزم نفي العامّ إلّا أن يقال إنّ المراد بالكلمة ما ليس بكلام ، فلا إشكال حينئذ.
(٤) أي المطابقة لا تتحقّق في المفرد ، لأنّ المطابقة المذكورة إنّما تحصل بمراعاة الاعتبارات الزائدة على أصل المعنى المراد وهذا لا يتحقّق إلّا في ذي الإسناد المفيد.
(٥) قوله : «وهم» خبر لقوله «والتّعليل بأنّ البلاغة ...».