فعطف (وَقُولُوا) على (لا تَعْبُدُونَ) مع اختلافهما لفظا (١) لكونهما إنشائيّتين معنى ، لأنّ (٢) قوله : (لا تَعْبُدُونَ) إخبار في معنى الإنشاء (٣) [أي لا تعبدوا] وقوله : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) لا بدّ له من فعل ، فإمّا أن يقدّر خبرا في معنى الطّلب (٤) ، أي [وتحسنون بمعنى أحسنوا] ، فتكون الجملتان (٥) خبرا لفظا إنشاء معنى ، وفائدة تقدير الخبر (٦) ثمّ جعله بمعنى الإنشاء (٧) إمّا لفظا ، فالملاءمة (٨) مع قوله : (لا تَعْبُدُونَ) وإمّا معنى فالمبالغة (٩)
________________________________________
(١) أي حيث إنّ الأوّل خبر لفظا ، لأنّ لفظة «لا» فيه نافية ، بدليل بقاء النّون الّتي هي علامة الرّفع فلا يصحّ جعل «لا» ناهية ، لأنّها جازمة ، والثّاني أعني قوله : (قُولُوا) إنشاء لفظا ، لأنّها أمر ، فيكون مثالا لاتّفاقهما معنى لا لفظا ، ويكون الخبر أي (لا تَعْبُدُونَ) بمعنى الإنشاء ، أي لا تعبدوا.
(٢) أي لأنّ قوله : «علّة» لاختلاف الجملتين ، (٣) وذلك لأنّ أخذ الميثاق يقتضي الأمر والنّهي ، فهو نهي معنى هنا ، أي لا تعبدوا غير الله.
(٤) أي يقدّر خبر بمعنى الطّلب ، بقرينة المعطوف عليه ، وهو لا تعبدون.
(٥) أي وهما : لا تعبدون وتحسنون.
(٦) أي وهو تحسنون ، ثمّ قوله : «وفائدة تقدير الخبر» مبتدأ خبره ظاهرة ، أي فائدة تقدير الخبر ، ثمّ جعله بمعنى الإنشاء ظاهرة لفظا ومعنى ، ثمّ قوله : «إمّا لفظا» مع قوله : «إمّا معنى» تفصيل لذلك المحذوف.
(٧) أي أحسنوا.
(٨) أي المناسبة مع قوله : «لا تعبدون» ، فقوله : «تحسنون» يناسب قوله : «لا تعبدون» في الخبريّة لفظا.
(٩) أي الخبر كلفظ «لا تعبدون» بمعنى النّهي أبلغ من التّصريح بالنّهي ، أي لا تعبدوا ، وجه الأبلغيّة أنّ المخاطب كأنّه يسارع إلى امتثال النّهي ، فالمتكلّم يخبر عن المخاطب بأنّه سارع إلى الامتثال في زمان الحال.