وحمله (١) على ما ذكره السّكّاكي بأن يراد بالشّيئين الجملتان ، وبالتّصوّر مفرد من مفردات الجملة غلط (٢) مع أنّ ظاهر عبارته يأبي ذلك (٣).
________________________________________
(١) أي وحمل كلام المصنّف ، وهذا كلام مستأنف ردّ لما يقال جوابا عن المصنّف من أنّ المصنّف أراد بالشّيئين الجملتين ، وبالتّصوّر مفردا من مفردات الجملة ، كما هو مراد السّكّاكي ، فلا فساد حينئذ في كلام المصنّف ، إذ يرجع كلامه حينئذ إلى ما قاله السّكّاكي ، غاية الأمر يحمل أل في التّصوّر على الجنس لا على العهد.
وحاصل الرّدّ : إنّ هذا الحمل غلط ، لأنّ المصنّف قد ردّ هذا الكلام في الإيضاح على السّكّاكي ، وحمله على أنّه سهو منه ، وقصد بهذا التّعبير إصلاحه ، فكيف يحمل كلام المصنّف على كلامه هذا ، مع أنّ ظاهر عبارة المصنّف يأبى هذا الحمل ، إذ ليس فيها ما يدلّ عليه ، إذ المتبادر من الشّيئين هو شيئان من أجزاء الجملتين لا نفس الجملتين ، وكذلك المتبادر من التّصوّر هو الإدراك والعلم ، لا المدرك والمعلوم ، وبالجملة إنّ المتبادر من الشّيئين شيئين من أجزاء الجملتين لا نفس الجملتين ، والمتبادر من التّصوّر معرّفا باللّام معناه المتعارف ، أعني العلم لا المفرد المعلوم الّذي هو معناه الغير المتعارف.
(٢) لأنّ المصنّف قد ردّ كلام السّكّاكي في الإيضاح ، وحمله على السّهو ، فلا يصحّ حمل كلامه عليه ، كما عرفت.
(٣) أي مع أنّ ظاهر عبارة المصنّف يأبى كون المراد بالتّصوّر المتصوّر لما عرفت من أنّ المتبادر من المعرّف باللّام هو المعنى المصدريّ ، أي العلم لا المعلوم ، وقيل : إنّه لا يتعيّن أن يكون قصد المصنّف بهذا الكلام إصلاح كلام السّكّاكي ، بل يجوز أن يريد نقل كلامه ، وبعبارة أخصر منه ، فلا يبعد أن يريد بالشّيئين الجملتين ، وبالتّصوّر المعلوم التّصوّري ، وقصد بذكره معرّفا الإشارة إلى جنس المعلوم التّصوّري الشّامل لكلّ متصوّر سواء كان مخبرا عنه أو خبرا أو قيدا من قيودهما ، بل حمل كلام المصنّف على هذا المعنى هو المتعيّن ، وإلّا لم يصحّ قوله : ثمّ قال الجامع بين الشّيئين ... ، وذلك لأنّ المصنّف ناقل عن السّكّاكي ، فإذا كان مراده غير المعنى المراد للسّكّاكي لم يصحّ النقل ، إذ كيف ينسب له ما ليس قائلا به.