يكون بالحكم الّذي دخلت عليه الهمزة ، بل بما يعرف المخاطب من ذلك الحكم إثباتا أو نفيا ، وعليه (١) قوله تعالى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ)(١) (٢) فالهمزة فيه للتّقرير ، أي بما يعرفه عيسى عليهالسلام. من هذا الحكم ، لا بأنّه قد قال ذلك (٣) ، فافهم (٤) ، وقوله (٥) : والإنكار كذلك ، دلّ على أنّ صورة إنكار الفعل أن يلي الفعل الهمزة ،
________________________________________
(١) أي على التّقرير بما يعرفه المخاطب من الحكم في كلام المقرّر ورد قوله تعالى.
(٢) الآية (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ..). ، فإنّ الهمزة فيه للتّقرير بما يعلمه نبيّ الله عيسى على نبيّنا وعليه الصّلاة السّلام ، والّذي يعلمه هو أنّه ما قال لهم اتّخذوني ، لا أنّه قال لهم ذلك ، فإذا أقرّ عيسى بما يعلم ، وهو أنّه ما قال ذلك انقطعت أوهام الّذين ينسبون إليه ادّعاءه الألوهيّة ، وكذّبهم إقرار عيسى عليهالسلام ، فقامت الحجّة عليهم ، وهذه الآية ممّا خرج عمّا تقدّم من أنّه يلي المقرّر به الهمزة ، لأنّ المقرّر به فيها نفس النّسبة ، إذ ليس المراد إظهار أنّ غير عيسى قال هذا القول دون عيسى ، بل المتبادر بيان أنّه لم يقله تكذيبا للمدّعين ، لا أنّ غيره قاله دونه هو.
(٣) أي لا التّقرير بأنّه قد قال ذلك ، إذ قول هذا مستحيل في حقّه عليهالسلام.
(٤) لعله إشارة إلى أنّ التّقرير إنّما هو بالنّفي لا بالإثبات ، أي التّقرير بأنّه لم يقل ذلك القول ، لا بأنّه قال ذلك القول لاستحالته من نبيّ الله.
(٥) مبتدأ وجملة «الإنكار كذلك» مقول القول ، ودلّ خبر قوله : يعني أنّ قول المصنّف والإنكار كذلك دلّ بعمومه على ما قاله الشّارح ، كما هو ظاهر ، إذ هو ليس مقصورا على إنكار غير الفعل ، بل معناه إنّ المنكر سواء كان فعلا أو اسما فاعلا أو مفعولا أو غير ذلك من المتعلّقات يجب أن يلي الهمزة كالمقرّر به.
__________________
(١) سورة المائدة : ١١٩.