وينبغي أن يقدّر ههنا (١) خصوصا أنّ الظّرف في تقدير اسم الفاعل دون الفعل (٢) اللهمّ إلا أن يقدّر فعل ماض مع قد (٣) هذا كلامه (٤) ، وفيه (٥) بحث.
________________________________________
(١) أي في مقام وقوع الظّرف حالا لا خبرا ولا نعتا ، فإنّه مقدّر بالفعل فيهما على الأصح ، ولهذا قال : خصوصا ، أي بالخصوص ههنا يكون الظّرف في تقدير اسم الفاعل دون الفعل ، بخلاف مقام وقوع الظّرف خبرا أو نعتا ، لأنّه حينئذ يقدّر بالفعل أيضا.
(٢) لأنّ الأصل في الحال الإفراد ، فإذا كان المقدّر اسم الفاعل كان الحال مفردا ، فلهذا ترك الواو.
(٣) لأنّ الماضي المكتنف بقد يجوز فيه الأمران ، مع كون التّرك أكثر فيه ، ولا يقدّر المضارع ، لأنّ الواو يجب تركها فيه.
(٤) أي كلام الشّيخ عبد القاهر.
(٥) أي في كلام الشّيخ عبد القاهر بحث حيث فرّق بين الحال والخبر والنّعت ، بأنّ الأصل في الأوّل الإفراد دون الأخيرين ، مع أنّ الخبر والنّعت كالحال في كون الأصل فيهما الإفراد.
وبعبارة أخرى إنّه إن أريد أنّ سبب تقدير اسم الفاعل هنا بالخصوص أنّ الأصل في الحال هو الإفراد فيرد عليه أنّ نحو على كتفه سيف إذا كان خبرا أو نعتا ، كأن يقال زيد على كتفه سيف ، ومررت برجل على كتفه سيف ، فالأصل فيهما الإفراد فينبغي أن يقدّر فيهما اسم الفاعل هنا ، لأجل نفس العلّة المذكورة في الحال ، وهي كون الأصل فيهما الإفراد كالحال ، فلم يتمّ قوله :
وينبغي أن يقدّر ههنا خصوصا ، لأنّه ينبغي أن يقدّر في غير ذلك أيضا ، وإن كان سبب تقدير اسم الفاعل هنا بالخصوص شيئا آخر فلم يبيّنه ، وكان ينبغي بيانه.
ويرد عليه أيضا إنّ تجويز تقدير المضارع لا يمنع وجود الواو ، لأنّه عند وجود الواو يقدّر بالماضي لا بالمضارع ، وعند انتفائه يقدّر بالمضارع ، ولو كان تجويز تقدير ما يمتنع معه الواو مانعا من الواو لمنع تجويز تقدير اسم الفاعل ، لأنّ الواو ممتنعة مع وجوده بالأحرى ، ولعلّه إنّما اختار تقدير اسم الفاعل لرجوع الحال حينئذ إلى أصلهما في الإفراد ، ولهذا أكثر مجيئها بلا واو ، وإنّما جوّز التّقدير بفعل ماض أيضا لمجيئها بالواو قليلا ، وإنّما منع التّقدير بفعل مضارع ، لأنّه لو جاز التّقدير به لامتنع مجيئها بالواو.