وقد يختلف الوزن فقطّ نحو : [(وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (١) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً)(١) (١)]. وقد تختلف التّقفية فقط كقولنا : حصل النّاطق والصّامت ، هلك الحاسد والشّامت (٢). [قيل : وأحسن السّجع ما تساوت قرائنه نحو : (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ)(٢) (٣) ، (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) ، ثمّ] ، أي بعد أن لا تتساوى قرائنه ، فالأحسن [ما طالت قرينته الثّانية (٤)
________________________________________________________
(١) الشّاهد : في «عرفا وعصفا» لأنّهما مختلفان وزنا فقطّ ، أمّا «المرسلات والعاصفات» فقد يقال : إنّهما أيضا مختلفان وزنا متّفقان تقفية ، لأنّ وزن مرسلات مفعلات ، ووزن عاصفات فاعلات ، والتّقفية في كلّ منهما التّاء ، فهما أيضا من أقسام المتوازي.
وفيه نظر لأنّ المعتبر من الوزن في المقام الوزن العروضي لا الوزن الصّرفي ، والمراد من الوزن العروضي ، كما قرّر في محلّه ، هو الموافقة في عدد الحركات والسّكنات وترتيبها ، سواء كانت موافقة في شخص الحركات أيضا ، كضارب ويضرب أم لا ، كناصر وينصر ، فعلى هذا يكون «المرسلات» موافقا للعاصفات وزنا وتقفية ، فهما من أقسام التّرصيع لا المتوازي.
(٢) الشّاهد في «حصل وهلك» فإنّهما مختلفان تقفية متّفقان وزنا ، وكذا النّاطق والحاسد.
وأمّا «الصّامت والشّامت» فهما متّفقان وزنا وتقفية. وذلك لوجود اتّفاق الفاصلتين في جميع أقسام السّجع فلا تغفل.
(٣) هذه قرينة (وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) قرينة أخرى ، (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) قرينة أخرى أيضا ، فهذه القرائن الثّلاث متساوية في كون كلّ واحدة منها مركّبة من لفظين ، والسّدر شجر معروف ، وهو كثير في بعض بلاد العرب ، والمخضود الّذي لا شوك له «وطلح» وهو شجر موز ، والمنضود الّذي نضد بالحمل ، أي الثّمر من أسفله إلى أعلاه.
(٤) بشرط أن لا يكون طول الثّانية متفاحشا ، وذلك بأن لا تكون الزّيادة أكثر من ثلاثة ألفاظ ، وإلّا كان قبيحا ، ومحلّ القبح إذا وقعت القرينة الثّانية الطّويلة بعد فقرة واحدة.
أمّا لو كانت الثّانية الطّويلة بعد فقرتين فأكثر فلا قبح ، لأنّ الأوّلين أو أكثر حينئذ بمنزلة قرينة واحدة.
__________________
(١) سورة نوح : ١٣ و١٤.
(٢) سورة الواقعة : ٢٨.