من قبيل الاتّباع إلى حيز الابتداع ، وكلّ ما كان أشدّ خفاء (١)] ، بحيث لا يعرف كونه مأخوذا من الأوّل إلّا بعد مزيد تأمّل [كان أقرب إلى القبول] لكونه أبعد من الاتّباع ، وأدخل في الابتداع.
[هذا] أي الّذي ذكر في الظّاهر وغيره من ادّعاء سبق أحدهما وأخذ الثّاني منه ، وكونه مقبولا أو مردودا ، وتسمية كلّ بالأسامي المذكورة [كلّه] إنّما يكون [إذا علم أنّ الثّاني أخذ من الأوّل] بأن يعلم أنّه كان يحفظ قول الأوّل حين نظم ، أو بأن يخبر عن نفسه أنّه أخذه منه (٢) وإلّا (٣) فلا يحكم بشيء من ذلك [لجواز أن يكون الاتّفاق (٤)] في اللّفظ والمعنى جميعا ، أو في المعنى وحده [من قبيل توارد الخواطر ، أي مجيئه على سبيل الاتّفاق من غير قصد إلى الأخذ]. كما يحكى عن ابن ميّادة (٥) أنّه أنشد لنفسه.
مفيد ومتلاف (٦) إذا ما أتيته |
|
تهلّل (٧) واهتزّ اهتزاز المهنّد |
________________________________________________________
(١) من مأخوذ آخر بأن يتصرّف فيه بحيث لا يعرف أنّ الكلام الثّاني مأخوذ من الكلام الأوّل ، إلّا بعد مزيد تأمّل ، كان أقرب إلى القبول ممّا ليس كذلك ، لكونه بسبب شدّة الخفاء ، والتّصرّف فيه بإدخال اللّطائف المزيدة أبعد من الأخذ والسّرقة وأدخل في الابتداع.
(٢) أي من الشّاعر الأوّل.
(٣) أي وإن لم يعلم ذلك لا يحكم بسرقة الثّاني من الأوّل وأخذه منه.
(٤) أي اتّفاق القائلين في اللّفظ والمعنى جميعا ، أو في المعنى وحده ، من قبيل توارد الخاطر إلى مجيئه على سبيل الاتّفاق من غير قصد من الشّاعر الثّاني إلى الأخذ من الأوّل.
(٥) ميّادة اسم امرأة ، أمة سوداء ، وهي أمّ الشّاعر ، فهو ممنوع من الصّرف للعلميّة والتّأنيث.
(٦) أي هذا الممدوح يفيد الأموال للنّاس أي يعطيها لهم ، ويتلفها على نفسه.
(٧) التّهلّل طلاقة الوجه ، والاهتزاز التّحرّك ، والمهنّد السّيف المصنوع من حديد الهند ، الحطيئة اسم لشاعر معلوم.
والشّاهد :
في اتّفاق البيتين من دون أخذ هذا البيت من بيت الشّاعر الأوّل.