وحديث : «وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح ـ وقد ستره الله ـ فيقول : عملت البارحة كذا» (١).
ففي قوله : «إذا أصبح قال : هل رأى أحد منكم البارحة» وقوله : «ثم يصبح فيقول : عملت البارحة» شاهد على صحة أن يقول الرجل متحدثا عن الليلة الماضية ، وهو في الصباح : سهرنا البارحة ، أو وقع البارحة كذا.
(٢) وأما الأحاديث التي اختلفت فيها الرواية ... فنجيز الاستشهاد بما جاء في رواية مشهورة لم يغمزها أحد المحدثين بأنها وهم من الراوي.
وأما ما يجيء في رواية شاذة ، أو في رواية يقول فيها بعض المحدثين : إنها غلط من الراوي ، فنقف دون الاستشهاد بها.
وخلاصة البحث : إنا نرى الاستشهاد بألفاظ ما يروى في كتب الحديث المدونة في الصدر الأول وإن اختلفت فيها الرواية ، ولا نستثني إلا الألفاظ التي تجيء في رواية شاذة أو يغمزها بعض المحدثين بالغلط أو التصحيف غمزا لا مرد له ، ويشد أزرنا في ترجيح هذا الرأي أن جمهور اللغويين وطائفة عظيمة من النحويين يستشهدون بالألفاظ الواردة في الحديث ولو على بعض رواياته. (٢) ا ه.
وإذا كان قد وقع في رواية بعض الأحاديث غلط أو تصحيف ، فإن هذا لا يقتضي ترك الاحتجاج به جملة ، وإنما غايته ترك الاحتجاج بهذه الأحاديث فقط ، وحمله على ضبط أحد الرواة في هذه الألفاظ خاصة (٣). وقد وقع في الأشعار غلط
__________________
(١) أخرجه «البخاري» في «صحيحه» في (كتاب الأدب ـ باب ستر المؤمن على نفسه) ٧ : ٨٩ ، عن أبي هريرة بنحوه.
(٢) مجلة مجمع اللغة العربية ٣ : ٢٠٨ ـ ٢١٠ ، من «في أصول النحو» ٥٥ ـ ٥٨.
(٣) «مجلة مجمع اللغة العربية» ٣ : ٢٠٧.