قال : وسدَّ أبواب المسجد إلاّ باب عليّ. قال : وكان يدخل المسجد جنباً وهو طريقه ليس له طريق غيره. وقال له : «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه» (٣ / ٨).
ثمّ قال ما ملخّصه :
الجواب : إنّ هذا ليس مسنداً بل هو مرسلٌ لو ثبت عن عمرو بن ميمون. وفيه ألفاظ هي كذبٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله : «لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي». فإنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم ذهب غير مرّة وخليفته على المدينة غير عليٍّ ـ ثمّ ذكر عدّة من ولاته على المدينة ـ فقال : وعام تبوك ما كان الاستخلاف إلاّ على النساء والصبيان ، ومن عذر الله ، وعلى الثلاثة الذين خُلّفوا ، أو متَّهم بالنفاق ، وكانت المدينة آمنةً لا يخاف على أهلها ، ولا يحتاج المستخلف إلى جهاد.
وكذلك قوله : وسدَّ الأبواب كلّها إلاّ باب عليّ. فإنَّ هذا ممّا وضعته الشيعة على طريق المقابلة ، فإنَّ الذي في الصحيح عن أبي سعيد ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال في مرضه الذي مات فيه : إنَّ أمَنَّ الناس عليَّ في ماله وصحبته أبو بكر ، ولو كنت متّخذاً خليلاً غير ربِّي لاتّخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخوّة الإسلام ومودّته ، لا يبقينَّ في المسجد خوخة إلاّ سُدّت إلاّ خوخة أبي بكر. ورواه ابن عباس أيضاً في الصحيحين.
ومثل قوله : «أنت وليّي في كلِّ مؤمن بعدي» : فإنّ هذا موضوعٌ باتِّفاق أهل المعرفة بالحديث.
ثمّ أردفه بخرافات وتافهات في بيان عدم اختصاص عليٍّ بهذه المناقب.
الجواب : كان الأحرى بالرجل أن يحرِّج على العلماء النظر في كتابه ، فيختصّ خطابه بالرعرة الدهماء ممّن لا يعقل أيّ طرفيه أطول ؛ لأنَّ نظر العلماء فيه يكشف عن سوأته ، ويوضّح للملإ إعوازه في العلم وانحيازه عن الصدق والأمانة ، ويظهر تدجيله وتزويره وتمويهه على الحقائق ، ومن المحتمل جدّا أنَّه قد غالى في عظمة نفسه يوم خوطب بشيخ الإسلام ، فحسب أنَّ الأمّة تأخذ ما يقوله كأصول مسلّمة