لا تناقشه فيه الحساب ، وإذ أخفق ظنّه وأكدى (١) أمله ، فهلمَّ معي نمعن النظرة في هملجته حول هذا الحديث ، وما له فيه من جلبة وسخب (٢).
فأوّل ما يتقوّل فيه : إنّه مرسل وليس بمسند.
فكأنَّ عينيه في غشاوة عن مراجعة المسند لإمام مذهبه أحمد بن حنبل ، فإنَّه أخرجه (٣) في (١ / ٣٣١) عن يحيى بن حمّاد ، عن أبي عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو ابن ميمون ، عن ابن عبّاس (٤). ورجال هذا السند رجال الصحيح غير أبي بلج ، وهو ثقة عند الحفّاظ ، كما مرّت في ترجمته (١ / ٧١).
وأخرجه (٥) بسند صحيح رجاله كلّهم ثقات الحافظ النسائي في الخصائص (ص ٧) ، والحاكم في المستدرك (٣ / ١٣٢) وصحّحه هو والذهبي ، والطبراني كما في المجمع للحافظ الهيثمي وصحّحه ، وأبو يعلى كما في البداية والنهاية ، وابن عساكر في الأربعين الطوال ، وذكره ابن حجر في الإصابة (٢ / ٥٠٩) ، وجمعٌ آخرون أسلفناهم في الجزء الأوّل (ص ٥١).
فما عذر الرجل في نسبة الإرسال إلى مثل هذا الحديث وإنكار سنده المتّصل الصحيح الثابت؟ أهكذا يُفعل بودائع النبوّة؟ أهكذا تلعب يد الأمانة بالسنّة والعلم والدين؟
والأعجب أنَّه عطف بعد ذلك على فقرات من الحديث وهو يحاول تفنيدها
__________________
(١) أكدى : انقطع.
(٢) السخب والصخب بمعنى واحد ، وهو الصياح.
(٣) مسند أحمد : ١ / ٥٤٤ ح ٣٠٥٢.
(٤) مر بلفظه : ١ / ٥٠. (المؤلف)
(٥) خصائص أمير المؤمنين : ص ٤٧ ح ٢٤ ، وفي السنن الكبرى : ٥ / ١١٢ ح ٨٤٠٩ ، المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٤٣ ح ٤٦٥٢ وكذا في تلخيصه ، المعجم الكبير : ١٢ / ٧٧ ح ١٢٥٩٣ ، مجمع الزوائد : ٩ / ١١٩ ، البداية والنهاية : ٧ / ٣٧٤ حوادث سنة ٤٠ ه.