عليه خارج على إمام الوقت ، باغٍ عليه ، يجب مقاتلته بنصٍّ من الكتاب المبين ، حيث قال : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) (١).
وليت شعري أيّ حيف يحلّ بالأمّة أعظم من تغلّب مثل معاوية على بيضة الإسلام ورئاسة أهله واستحوازه الخلافة التي ليست له ، لا بنصٍّ ولا بيعة ممّن تقرِّر بيعتُهُ الخليفة؟ فلم يُعقد له إجماعٌ ، ولا أثبتته شورى أو وصيّة ، ولا هو وليُّ دم عثمان حتى ينهض بثاره إن لم نقل هو المثبِّط جند الشام ، والمتثاقل عن نصره حتى قُتل ، ولم يكن له سابقة في الإسلام تشرِّفه ، ولا علم يسدّده ، ولا تقوى تكبحه عن مساقط الشهوات ، وإنّما هي ملوكيّةٌ ارتادها ليملك الأزمّة وتُلقى عنده الأعنّة ، ويحتنك أمر الأمّة ، وفي الأخير تمَّ له ذلك تحت رواعد الإرهاب ولوائح الأطماع في منتأىً عن الدين والإصلاح ، فثبّت عرش ملوكيّته بين مهراق الدماء ، ومنتهك الشرائع ، ومضلاّت الفتن ، ولو لم يكن له بائقةٌ إلاّ استخلاف يزيد الفجور على الأمّة بالترهيب والإطماع ، لكفاه حيفاً يجب أن يكتسح عن مستوى الإسلام وبلاد المسلمين.
٢ ـ قال : أمّا معاوية فإنَّه بدون ريب يرى نفسه عظيماً من عظماء قريش ؛ لأنّه ابن شيخها أبي سفيان بن حرب ، وأكبر ولد أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف ، كما أنَّ عليّا أكبر ولد هاشم بن عبد مناف ، فهما سيّان في الرفعة النسبيّة (٢ / ٦٧).
الجواب : ما ذا أقول لمغفَّل يرى عنصر النبوّة وآصرة القداسة المنتقلة بين أصلاب طاهرة وأرحامٍ زكيّة من نبيٍّ إلى وصيٍّ إلى وليٍّ إلى حكيمٍ إلى عظيمٍ إلى شريفٍ ، إلى خاتم الرسالة ، إلى وصيِّه صاحب الولاية الكبرى ، لدة العنصر العبشمي (٢) ، ويراهما في الرفعة والشرف سيّان؟ وشتّان بين الشجرتين : شجرة طيّبة
__________________
(١) الحجرات : ٨.
(٢) نسبةً إلى عبد شمس بن عبد مناف الجدّ الأعلى لمعاوية بن أبي سفيان.