المهاجرون إلى أبي بكر؟ واجتمع ناسٌ إلى العبّاس؟ وبنو هاشم ومن يمتُّ بهم وينتمي إليهم يقولون : إنَّها لأمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه؟
هذه أسئلة حافلة ليس للخضري عنها جوابٌ ، إلاّ أن يدّعي أنَّ معاوية كان أشفق بالأمّة من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأيّ خلاف رفعه تعيين يزيد وعلى عهده كانت واقعة الطفِّ ، وتلاها فاجعة الحرّة ، وأعقبهما أمر ابن الزبير وقصّة البيت المعظّم؟ كلُّ ذلك من جرّاء ذلك الاختيار ، وثمرة تلك الفكرة الفاسدة ، وفي الناقمين سبط النبوّة حسين العظمة ـ صلوات الله عليه ـ وبقيّة بني عبد مناف ، وعامّة المهاجرين والأنصار في المدينة المنوّرة.
ثمّ إن كان معاوية لم يجد بدّا من الاختيار ، فلما ذا لم يختر صالحاً من صلحاء الصحابة؟ وفي مقدّمهم سبط رسول الله الإمام الطاهر ، ولا معدل عنه في حنكة أو علم أو تقوى أو شرف.
وكيف راق الخضري أن يرى هذا الاختيار حسناً جميلاً صالح الأمّة ، ولم يره حيفاً وجنايةً عليها وعلى إسلامها ورسولها وكتابها وسنّتها؟ ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوقظ شعور أمّته قبل ذلك بأعوام بقوله : «إنّ أوّل من يبدِّل سنّتي رجل من بني أميّة». وقوله : «لا يزال هذا الأمر معتدلاً قائماً بالقسط ، حتى يثلمه رجل من بني أميّة يقال له يزيد» (١).
وأخرج ابن أبي شيبة (٢) وأبو يعلى : إنّ يزيد لمّا كان أبوه أمير الشام غزا المسلمون فحصل لرجل جارية نفيسة فأخذها منه يزيد ، فاستعان الرجل بأبي ذرّ ،
__________________
(١) الخصائص الكبرى : ٢ / ١٣٩ [٢ / ٢٣٦] ، تطهير الجنان في هامش الصواعق : ص ١٤٥ [ص ٦٤] وقال : مسند رجاله رجال الصحيح ، إلاّ أنّ فيه انقطاعاً. (المؤلف)
(٢) المصنّف : ١٤ / ١٠٢ ح ١٧٧٢٦.