بها حال دعوى الرافضيِّ في تلقّي دينهم عن العترة ... (ص ٥٨ ، ٦١).
الجواب : كان حقّا على الرجل نهي جمال الدين القاسمي عن أن يظهر كتابه إلى غيره ، كما كان على السيِّد محمد رشيد رضا أن يُحرّج على الشيعة بل أهل النصفة من قومه أيضاً أن يقفوا على رسالته ، إذ الأباطيل المبثوثة في طيِّهما تكشف عن السوأة ، وتشوِّه السمعة ، ولا تخفى على أيِّ مثقّفٍ ، ولا يسترها ذيل العصبيّة ، ولا تصلحها فكرة المدافع عنها ، مهما كان القارئ شريف النفس ، حرّا في فكرته وشعوره.
كيف يخفى على الباحث أنَّ الإماميّة لا تتعبّد بالرقاع الصادرة من المهديِّ المنتظر؟ وكلام الرجل ومن لفَّ لفّه كما يأتي عن القصيمي في الصراع بين الإسلام والوثنيّة أوضح ما هناك من السرِّ المستسرِّ في عدم تعبّدهم بها ، وعدم ذكر المحامدة الثلاثة (١) مؤلِّفي الكتب الأربعة التي هي عمدة مراجع الشيعة الإماميّة في تلكم التآليف شيئاً من الرقاع والتوقيعات الصادرة من الناحية المقدّسة ، وهذا يوقظ شعور الباحث إلى أنَّ مشايخ الإماميّة الثلاثة كانوا عارفين بما يؤول إليه أمر الأمّة من البهرجة وإنكار وجود الحجّة ، فكأنَّهم كانوا منهيِّين عن ذكر تلك الآثار الصادرة من الناحية الشريفة في تآليفهم مع أنَّهم هم رواتها وحملتها إلى الأمّة ، وذلك لئلاّ يخرج مذهب العترة عن الجعفرية الصادقة إلى المهدوية ، حتى لا يبقى لرجال العصبيّة العمياء مجال للقول بأنَّ مذهب الإماميّة مأخوذ من الإمام الغائب الذي لا وجود له في مزعمتهم ، وأنَّهم يتعبّدون بالرقاع المزوَّرة في حسبانهم ، وهذا سرٌّ من أسرار الإمامة يؤكِّد الثقة بالكتب الأربعة والاعتماد عليها.
هذا ثقة الإسلام الكليني ، مع أنَّ بيئته بغداد تجمع بينه وبين سفراء الحجّة المنتظر الأربعة ، ويجمعهم عصرٌ واحدٌ ، وقد توفِّي في الغَيبة الصغرى سنة (٣٢٩) ،
__________________
(١) أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني ، أبو جعفر محمد بن عليّ بن بابويه القمي ، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي. (المؤلف)