وألّف كتابه خلال عشرين سنة ، تراه لم يذكر قطُّ شيئاً من توقيعات الإمام المنتظر في كتابه الكافي الحافل المشتمل على ستّة عشر ألف حديث ومائة وتسعة وتسعين حديثاً ، مع أنَّ غير واحد من تلك التوقيعات يروى من طرقه ، وهو يذكر في كتابه كثيراً من توقيعات بقيّة الأئمّة من أهل بيت العصمة ـ سلام الله عليهم.
وهذا أبو جعفر بن بابويه الصدوق ، مع روايته عدّةً من تلك الرقاع الكريمة في تأليفه إكمال الدين وعقده لها باباً فيه (١) (ص ٢٦٦) ، لم يذكر شيئاً منها في كتابه الحافل من لا يحضره الفقيه.
نعم ، في موضع واحد منه ـ على ما وقفت ـ يذكر حديثاً في مقام الاعتضاد من دون ذكر وتسمية للإمام عليهالسلام ، وذلك في (٢) (٢ / ٤١) طبع لكهنو ، قال : الخبر الذي رُوي فيمن أفطر يوماً من شهر رمضان متعمِّداً أنَّ عليه ثلاث كفارات ، فإنّي أُفتي به فيمن أفطر بجماع محرَّم عليه أو بطعام محرَّم عليه ، لوجود ذلك في روايات أبي الحسين الأسدي رضى الله عنه فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري ـ قدّس الله روحه.
وبعدهما شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي ، فإنّه مع روايته توقيعات الأحكام الصادرة من الناحية المقدّسة إلى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب الغَيبة (٣) (ص ١٨٤ ـ ٢١٤ و ٢٤٣ ـ ٢٥٨) ، لم يورد شيئاً منها في كتابيه التهذيب والإستبصار اللذين يُعدّان من الكتب الأربعة عُمُد مصادر الأحكام.
ألا تراهم أجمعوا على رواية توقيع إسحاق بن يعقوب عن الناحية المقدّسة ، ورواه أبو جعفر الصدوق عن أبي جعفر الكليني في الإكمال (٤) (ص ٢٦٦) ، والشيخ أبو
__________________
(١) كمال الدين : ص ٤٨٢.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ١١٨ ح ١٨٩٢.
(٣) الغَيبة : ص ٣٧٤ ـ ٣٨٤.
(٤) كمال الدين : ص ٤٨٣.