الناس أحبّ إلى رسول الله؟ قالت : فاطمة. فقيل : من الرجال؟ قالت : زوجها ، إن كان ما علمت صوّاماً قوّاماً (١)؟
وكيف كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقدّم الغير على عليّ في الالتفات إليه؟ وهو أوّل رجل اختاره الله بعده من أهل الأرض لمّا اطّلع عليهم ، كما أخبر به صلىاللهعليهوآلهوسلم لفاطمة بقوله : «إنّ الله اطّلع على أهل الأرض فاختار منهم أباك فبعثه نبيّا ، ثمّ اطّلع الثانية فاختار بعلك ، فأوحى إليّ ، فأنكحتُهُ واتخذته وصيّاً» (٢).
وبقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «إنّ الله اختار من أهل الأرض رجلين : أحدهما أبوكِ والآخر زوجكِ» (٣).
وإنّي لا يسعني المجال لتحليل كلمة الرجل : وكان صهرا النبيّ الأمويّان ... إلخ. وحسبك في مداراة عثمان الكريم حديث أنس عن رسول الله لمّا شهد دفن رقيّة ابنته العزيزة وقعد على قبرها ، ودمعت عيناه فقال : «أيّكم لم يُقارف الليلة أهله؟» فقال أبو طلحة : أنا. فأمره أن ينزل في قبرها.
قال ابن بطّال : أراد النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يحرم عثمان النزول في قبرها ، وقد كان أحقّ الناس بذلك لأنّه كان بعلها ، وفقد منها علقاً لا عوض منه ، لأنّه حين قال عليهالسلام : «أيّكم لم يُقارف الليلة أهله؟» سكت عثمان ولم يقل : أنا ؛ لأنّه قد قارف ليلة ماتت بعض نسائه! ولم يشغله الهمُّ بالمصيبة وانقطاع صهره من النبيّ صلى الله عليه وسلم عن المقارفة ، فحُرِم بذلك ما كان حقّا له ، وكان أولى به من أبي طلحة وغيره. وهذا بيّنٌ في معنى الحديث ،
__________________
(١) جامع الترمذي : ٢ / ٢٢٧ [٥ / ٦٥٨ ح ٣٨٧٤] طبع الهند ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٥٧ [٣ / ١٦٧ ح ٤٧٣١] ، وجمع آخر. (المؤلف)
(٢) أخرجه الطبراني عن أبي أيوب الأنصاري [المعجم الكبير ٤ / ١٧١ ح ٤٠٤٦] كما في إكمال كنز العمّال : ٦ / ١٥٣ [١١ / ٦٠٤ ح ٣٢٩٢٣] ، أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد : ٩ / ١٦٥ عن عليّ الهلالي. (المؤلف)
(٣) المواقف للإيجي : ص ٨ [ص ٤١٠] ، راجع كتابنا : ٢ / ٣١٨. (المؤلف)