نعم ؛ في السنين الأخيرة قلَّ عددهم لما هنالك من عدم الطمأنينة على الأحكام والدماء ، فالشيعيُّ يرى أنَّ أغلب الحجّاج غير متمكِّنين من أداء المناسك كما ينبغي ، وغير آمنين على دمائهم بأدنى فريةٍ يفتريها عدوٌّ من أعداء الله ، ويشهد عليها آخرون أمثاله ، فيحكم على إراقة دمه قاضٍ بالجور.
وإن ننسَ لا ننسى ما جرى في سنة (١٣٦٢ ه) من إزهاق حاجّ مسلمٍ إيرانيّ يُسمّى أبا طالب بين الصفا والمروة ببهتان عظيم ، وهو يتشهّد الشهادتين ، وقد حجَّ البيت واعتمر وأتى بالفرائض كلّها ، فقُتل مظلوماً ، ولا مانع ولا وازع ولا زاجر ولا مدافع ، ودع عنك ما يلاقي الشيعة بأسرها ـ عراقيِّين وإيرانيِّين ـ من هتكٍ وهوان ، والخطاب بمثل قول الحجازيِّ إيّاهم : يا كافر ، يا مشرك ، وأمثالهما من الكلم القارصة ، وتحرّي الحجج التافهة لهذه المخازي كلِّها ولإراقة دمائهم ، فمن هنا خارت العزائم وقلّت الرغبات ، ومنعت الحكومة الإيرانيّة شعبها عن السفر إلى الحجاز كلاءةً لأمّتها مستندةً على حكم دينيٍ لعدم التمكّن من أداء الفريضة غالباً ، لا لما أفرغه السائح المتحذلق في بوتقة إفكه ممّا سطره من اتِّخاذ مشهد كعبةً ، ومن الكراهة المحتدمة بين الإيرانيّين والعرب ، ذينك الفريقين المتآخيين على الدين والمذهب ، إلى جوامع كثيرة يعرفها من جاس خلال ديارهما بقلب طاهر متجرِّداً عن النعرات الطائفيّة ، غير متحيِّز إلى فئة ـ لا كسائحنا الثابت على غيِّه ـ وقد قدّمنا ما بين العرب والعجم المسلمين من التحابب والموادّة.
٨ ـ قال : في نيسابور قبّةٌ أنيقة عُني بإقامتها ونقشها العناية كلّها ، فدخلتها وإذا هي مدفن محمد المحروق من سلالة الحسين ، وقد أسموه بالمحروق لأنّه نزل ضيفاً على أحد سراة القرية ، ولمّا أن خيّم الليل اعتدى على بنت مضيّفه ، فأحرقه الناس في مكانه هذا ، ورغم جرمه هذا شيّد قبره وقدّسه الناس لأنَّه من سلالة طاهرةٍ (ص ١٥٥).
الجواب : لا ينقطع الرجل يريد الوقيعة على أهل البيت الطاهر ، فيختلق لهم