هذه التعاليم الفاسدة فيها دَحْس (١) لنظام المجتمع ، ودَحل بين الفرق الإسلامية ، وهتك لناموس الشرع المقدّس وعبث بسياسة البلاد ، وصدع لتوحيد العباد.
هذه الأقلام المسمومة تمنع الأمّة عن سعادتها ورقيِّها ، وتولد العراقيل في مسيرها ومسربها ، وتمحو ما خطّته يد الإصلاح في صحائف القلوب ، وتحيي في النفوس ما عقمته داعية الدين.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) (٢) إنّ الآراء الدينية الإسلامية اجتماعية يشترك فيها كلُّ معتنق للإسلام ، إذ لا تمثَّل في الملأ إلاّ باسم الدين الاجتماعيِّ ، فيَهُمُّ كلَّ إسلاميّ يحمل بين جنبيه عاطفةً دينيّةً أن يدافع عن شرف نِحلته ، وكيان ملّته ، مهما وجد هناك زلّةً في رأي ، أو خطأً في فكرةٍ ، ولا يسعه أن يفرِّق بين باءةٍ وأخرى ، أو يخصَّ نفسه بحكومة دون غيرها (إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) (٣) بل الأرض كلّها بيئة المسلم الصادق ، والإسلام حكومته وهو يعيش تحت راية الحق ، وتوحيد الكلمة ضالّته ، وصدق الإخاء شعاره ، أينما كان وحيثما كان.
هذا شأن الأفراد ، فكيف بالحكومات العزيزة الإسلامية؟ التي هي شُعَبُ تلك الحكومة العالمية الكبرى ، ومفرداتُ ذلك الجمع الصحيح ، ومقطَّعات حروف تلك الكلمة الواحدة ، كلمة الصدق والعدل ، كلمة الإخلاص والتوحيد ، كلمة العزّ والشرف ، كلمة الرقيّ والتقدّم.
فأنّى يسوغ لحكومة مصر العزيزة أن ترخّص لنشر هذه الكتب في بلادها ،
__________________
(١) دحسَ بين القوم : أفسد بينهم.
(٢) يونس : ٥٧.
(٣) النجم : ٢٣.