وتشوّه سمعتها في أرجاء الدنيا؟ وهي ثغر الإسلام المستحكم من أوّل يومه ، وهي مدرسة الشرق المؤسّسة تحت راية الحقّ بيد رجال العلم والدين.
أليس عاراً على مصر بعد ما مضت عليها قرون متطاولة بحسن السمعة أن تُعرف في العالم بأناسٍ دجّالين ، وكتّابٍ مستأجرين ، وأقلام مسمومة ، وأن يُقال : إنّ فقيهها موسى جار الله ، وعالمها القصيميّ ، ومصلحها أحمد أمين ، وعضو مؤتمرها محمد رشيد رضا ، ودكتورها طه حسين ، ومؤرِّخها الخضري ، وأستاذ علوم اجتماعها محمد ثابت ، وشاعرها عبد الظاهر أبو السمح؟
أليس عاراً على مصر أن يتملّج (١) ويتلمّظ بشرفها الدخلاء من ابن نجد ودمشق ، فيؤلّف أحدهم كتاباً في الردّ على الإماميّة ويسمّيه ـ الصراع بين الإسلام والوثنيّة ـ ويأتي آخر يقرِّظه بشعره لا بشعوره ، ويعرّف الشيعة الإماميّة بقوله :
ويحملُ قلبهمْ بغضاً شنيعاً |
|
لخيرِ الخلقِ ليس له دفاعُ |
يقولون الأمينُ حبا بوحيٍ |
|
وخانَ وما لَهمْ عن ذا ارتداعُ |
فهل في الأرض كفرٌ بعد هذا |
|
وحرثهُمُ لمن يهوى متاعُ |
فما للقوم دينٌ أو حياءٌ |
|
بحسبهمُ من الخزي (الصراعُ) (٢) |
(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) (٣) أيحسب امرؤٌ مصريٌّ أنّ إشاعة هذه الكتب ، وبثَّ هذه المخاريق والنسب المفتعلة ، ونشر هذه التآليف التافهة حياة للأمّة المصرية ، وإيقاظ لشعور شعبها المثقّف ، وإبقاء لكيان تلك الحكومة العربية العزيزة ، وتقدّم ورقيّ في حركاتها العلمية ، والأدبية ، والأخلاقية ، والدينية ، والاجتماعية؟
__________________
(١) ملج الصبي الثدي إذا رضعه.
(٢) الأبيات من قصيدة للشيخ عبد الظاهر أبي السمح إمام المسجد الحرام وخطيبه ، يثني فيها على القصيميّ ويقرّظ كتابه المذكور.
(٣) الحديد : ١٦.