أمري ، وشغل من فكري لما افترقنا ، وشوقي ـ علم الله ـ فغالبٌ ، وظمئي فشديدٌ ، وإلى الله الرغبة في أن يجعل القدرة على اللقاء حسب المحبّة ، إنّه قادرٌ جوادٌ.
ومكاننا من جميل رأيك ـ أيّدك الله ـ يبعثنا على تقاضي حقوقنا قِبَلك ، وكريم سجاياك وأخلاقك يشجّعنا على إمضاء العزم في ذلك ، وما تطوّلت به من الإيناس يؤنسنا بك ، ويَبسُطنا إليك ، وآثار يديك تدلّنا عليك ، وتشهد لنا بسماحتك ، والله يطيل بقاءك ، ويديم لنا فيك وبك السعادة.
وبلغني أدام الله عزّك أنّ سحابة من سحائب تفضّلك أمطرت منذ أيّام مطراً عمّ إخوانك ، بهدايا مشتملة على حسن وطيب ، فأنكرت على عدلك وفضلك خروجي منها مع دخولي في جملة من يعتدّك ، ويعتقدك ، وينحوك ، ويعتمدك ، وسبق إلى قلبي من ألم سوء الظنِّ برأيك أضعاف ما سبق إليه من الألم بفوت الحظّ من لطفك ، فرأيت مداواة قلبي من ظنّه ، وقلبك من سهوه ، واستبقاء الودِّ بيننا بالعتاب الذي يقول فيه القائل : ويبقى الودّ ما بقي العتابُ ، وفيما عاتبت كفايةٌ عند من له أذنك الواعية ، وعينك الر اعية.
٤ ـ وقال في تفضيل النرجس على الورد :
النرجس يشبه الأعين والمضاحك ، والورد يشبه الخدود ، والأعين والمضاحك أشرف من الخدود ، وشبيه الأشرف أشرف من شبيه الأدنى ، والورد صفةٌ لأنَّه لونٌ ، والنرجس يضارعه في هذا الاسم ، لأنَّ النرجس هو الريحان الوارد ، أعني أنَّه أبداً في الماء ، والورد خجل والنرجس مبتسم ، وانظر أدناهما شبهاً بالعيون فهو أفضل.
هذه نماذج من منثوراته لا نعرف غيرها فيما بين أيدينا ، وخليقٌ بمن يكتب بهذا الأسلوب أن يُعدّ في بُلغاء الكتّاب ، وإن لم يُعدّ في أبلغهم ، على أنّ ابن الرومي لم يكن يحسب نفسه إلاّ مع الشعراء إذا اختلفت الطوائف ، فإنّه يقول عن نفسه وهو يمدح أبا