الحسين كاتب ابن أبي الاصبع :
ونحن معاشر الشعراءِ ننمى |
|
إلى نسبٍ من الكتّابِ دانِ |
وإن كانوا أحقّ بكلّ فضلٍ |
|
وأبلغَ باللسانِ وبالبيانِ |
أبونا عند نسبتنا أبوهم |
|
عطاردٌ السماويُّ المكانِ |
أمّا حظّه من علوم العربية والدين ، فمن المفضول أن نتعرّض لإحصاء الشواهد عليه في كلامه ، لأنَّه أبين من أن يحتاج إلى تبيين. وندر في قصائده المطوّلة أو الموجزة قصيدة تقرأها ولا تخرج منها وأنت موقنٌ باستبحار ناظمها في اللغة ، وإحاطته الواسعة بغريب مفرداتها ، وأوزان اشتقاقها ، وتصريفها ، وموقع أمثالها ، وأسماء مشاهيرها ، وما يصحب ذلك من أحكام في الدين ، ومقتبسات من أدب القرآن ، فليس في شعر العربيّة من تبدو هذه الشواهد في كلامه بهذه الغزارة والدقّة غير شاعرين اثنين : أحدهما صاحبنا والثاني المعرّي ، وقد كان يمدح الرؤساء والأدباء أمثال : عبيد الله بن عبد الله ، وعليّ بن يحيى ، وإسماعيل بن بلبل ، فيفسّر غريب كلماته في القرطاس الذي يثبت فيه قصائده ، كأنَّه كان يشفق أن تفوتهم دقائق لفظه وأسرار لغته ، ثمّ يعود إلى الاعتذار من ذلك إذا أنِسَ منهم الجفوة والتغيّر :
لم أفسِّر غريبها لكَ لكنْ |
|
لامرئٍ يجهلُ الغريبَ سواكا |
لغيرِكَ لا لكَ التفسيرُ أنّى |
|
يُفسَّرُ لابن بَجدَتِها الغريبُ |
وكانوا لشهرته باللغة ، وعلم أسرارها ، ولطيف نكاتها ، يختلقون له الكلمات النافرة ، يسألونه عنها ليعبثوا به أو يعجزوه ، وقصّة الجرامض إحدى هذه المعابثات التي تدلّ على غيرها من قبيلها ، فقد سأله بعضهم في مجلس القاسم بن عبيد الله : ما الجرامض؟ فارتجل مجيباً :
وسألت عن خبرِ الجرا |
|
مضِ طالباً علمَ الجرامضْ |